الخميس، 26 أبريل 2012

سلسلة ثقافة الحياة



سلسلة ثقافة الحياة
حديث مع الشباب
باقة ملاحظات تنموية
ناصر حسين الأسدي
الطبعة الأولى
1433 هـ 2012م
من اصدارات
ملتقى الشباب البغدادي
بغداد العراق
مطبعة النجف الأشرف

حديث مع الشباب
بِسْمِ اللهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ
[نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ
نَبَأَهُمْ بِالحَقِّ
إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ
آمَنُوا بِرَبِّهِمْ
وَزِدْنَاهُمْ هُدًى]
صدق الله العلي العظيم
سورة الكهف:13
الإهداء
إلى فسائل الخير، المتفتحة الواعدة ..
تلك التي تسير مع الزمن، لتجلل مستقبل أمتنا ضياءاً، وتوقد في شرايينها حرارة النهضة وحماس
التقدم ..
إلى جيل الطموح، من الشباب الرسالي المؤمن ..
أقدم هذه الوريقات التنموية ..
وما هي إلاّ رشة ضوء في طريق الارتقاء
والتغيير.
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين، الحبيب المصطفى محمد وعلى آله أركان الهدى وأعلام التقى الطيبين الطاهرين.
وبعد:
فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: [وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى]([1])، التعاليم القرآنية الكريمة تمنح الإنسان طاقة دفع كبيرة تحثه على النهوض، وتستفزه للقفز إلى الأمام، كي يحقق أهدافه، ويحرز لنفسه الطمأنينة والنجاح، ولمستقبله التميز والفلاح.
وجيل الشباب، ثروة الأمة الزاخرة، ورصيد مستقبلها المتميز، لم يحظ بما يتناسب وشأنه من الاهتمام، لاسيما من الموجهين والمفكرين الإسلاميين، ورجال التبليغ المقروء والمسموع والمرئي، وقد قال الصادق (عليه السلام): Sعليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خيرR([2]).
وجاءت هذه الصفحات لتخاطب هذا الجيل، معتمدة بما ينفعه لعلاج واقعه نفسياً واجتماعيا.
هذا، وكما إن الجسد يتعرض لهجمات مختلف الفيروسات الوبائية، كذلك النفس والروح. والأوبئة المعنوية أشد فتكاً، وأكثر ضرراً على الإنسان، على شخصيته ومستقبله، وسعادته في الدارين.
وللشريعة الغراء وصفاتها العلاجية الناجعة، شريطة أن يستقبلها الإنسان ويتعاطى معها بإيجابية، وإلا فما ينفع المريض لو استلم وصفة الطبيب ورمى بها في الدرج؟
والصفحات القادمة، كتبتها أو انتقيتها، في ثغرات من الوقت، واضعا في الاعتبار حالة السلبية والتراجع والتردد واليأس التي استبدت بعناصر من المجتمع، فهذه الصفحات المتواضعة ليست إلا رشة ضوء في طريق العودة إلى مناهج السماء السامية وتعاليم محمد J وآله %.
[وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ] ([3]).
صدق الله العلي العظيم.

1
ما هي الشخصية؟
الشخصية هي المفهوم الشامل للذات الإنسانية ظاهراً وباطنا بكافة ميولها وتصوراتها وأفكارها واعتقاداتها وقناعاتها وصفاتها الحركية والذوقية والنفسية. وتتعدد صفات الشخصية في كتب علم النفس والدراسات النفسية في كافة مجالات الحياة.
وهي من المواضيع المهمة في المجال النفسي بكافة أنماطها وصفاتها وتحولاتها وذلك أمر لا بد أن يسخر لها كافة العلوم المتعلقة بكشف خفاياها أو تصحيح اعوجاجها أو إزالة ضعفها. والعلوم المتعلقة بموضوع الشخصية، علم النفس بشكل عام وعلم النفس التربوي وعلم النفس الاجتماعي وعلم تشخيص الجينات وكذلك علم النفس السلوكي والأخلاقي
2
وما هي الإيجابية
الإيجابية تعني المحافظة على التوازن السليم في إدراك مختلف المشكلات, وهي أسلوب أساسي وشامل في الحياة وتعني التركيز على النقاط المشرقة في أي موقف بدلا من التركيز على النقاط السوداء وأنها تعني أيضاً: أن يحسن المرء الظن بذاته, ويظن خيراً بالآخرين, وأن يتبنى الأسلوب الأمثل في الحياة. إن الذي يحمل بين جنبيه تفكيراً إيجابياً لا يسمح للتفكير السلبي أن يطغى على علاقاته حتى مع من يقاطعه.
وورد في الحديث أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل([4]) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
قيل في شرح الحديث:" كأنما تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم ولا شيء على هذا المحسن بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه.
وصاحب التفكير الإيجابي يبادر إلى الفعل الإيجابي في ظل أجواء الشقاق والخلاف مع غيره فعن أبي أيوب الأنصاري 6 أن رسول اللهJ قال:" لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، وورد في دعاء مكارم الأخلاق لزين العابدين (عليه السلام): "...وسددني لان أعارض من غشني بالنصح، وأجزي من هجرني بالبر، وأثيب من حرمني بالبذل، وأكافئ من قطعني بالصلة، وأخالف من اغتابني إلى حسن الذكر...."([5])
3
الشخصية الإيجابية
الشخصية الإيجابية هي:
* الشخصية المنتجة في مختلف المجالات حسب القدرة والإمكانية والمنفتحة على الحياة ومع الناس.
* تمتلك النظرة الثاقبة... وتتحرك بوعي ودراسة قبلية.
* هي الشخصية المتوازنة في الحقوق والواجبات (أي ما لها وما عليها).
* تمتلك أساسيات الصحة النفسية مثل:
- التعامل الجيد مع الذات.
- التعامل المتوازن مع الآخرين.
- التكيف مع الواقع.
- الانضباط في المواقف الحرجة. وحالات الانزعاج والغضب.
- تتمتع بقدرة التحكم على النفس عند تلقي الصدمات.
* تتعامل مع الماديات (كالمال والسلطة) بصورة معقولة ومتوازنة ولا تهمل الجوانب المعنوية.
* تتأثر بالمواقف حسب درجة الإيجابية والسلبية (أي أن تقيس الإيجابية بالمصلحة العامة ولا تضخم السلبية أكثر من الواقع)   .
* تعمل على تطوير الموجود وتبحث عن المفقود وتعالج العقبات.
* تمتلك الثوابت الأخلاقية الشرعية والإنسانية.
* ترعى مقومات الاستمرارية:
- الجدية عند تقلب الحالات.
- الهمة العالية والتحرك الذاتي.
- التصرف الحكيم.
- المراجعة للتصحيح.
- احتساب الأجر عند الله.
- تنمية الدوافع الذاتية والموضوعية.
- الاستعانة بالله القادر على كل شيء.
- الدعاء للتوفيق بالنجاح.
* لا تستخف بالخير مهما قل، ولا تذوب أمامه مهما كثر.
* تتعامل مع كل شخص حسب درجة الصلاح فيه ولا تغفل عن سلبياته.
* تحب المشاركة لتقديم ما عندها من الخير والايجابية.
* تفكر دائما لتطوير الإيجابيات وإزالة السلبيات.
* تكره الانتقام والحقد والحسد، ولا تجلس في مجالس الغيبة والنميمة.
هذه هي الشخصية الايجابية المقبولة عند الرحمن والمحبوبة عند الإنسان، سليمة في نفسيتها تواقة للخير، وتتأمل في سبب وجودها وأهدافه، تتقدم بايجابيتها، وتتفاعل بكل ما عندها من عطاء. فهي الشخصية الصالحة والمُصلحة، وهي الشخصية الخيّرة بمعنى الكلمة.
4
مواصفات المجتمع الإيجابي
لقد أحدث الإسلام تغييراً نوعياً وكمياً في حياة البشرية بما أسسه من فكر تغيرت به نفوس معتنقيه أولاً فأحدث ذلك تغييراً في مجتمعاتهم فتغير به وجه الدنيا، وأضاء سماء الإنسانية بنجوم آيات الكتاب وقيادة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) تدلها على ما يسعدها في الدارين.
وفي هذا الوقت الذي تبحث فيه الأمة الإسلامية على جميع المستويات عن تغيير جذري أو تحسين من واقعها ظهرت كثير من العلوم والمعارف التي قد ثبت بالتجربة فاعليتها وجدواها في إحداث مستويات من التغيير المنشود، ومن تلك المعارف ما اصطلح على تسميته بالتفكير الإيجابي وهذا ما نريد إضاءته خلال الصفحات الآتية بإذن الله تعالى.
5
ضرورة التفكير الإيجابي وكيفية تحقيقه
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي ضرورة التفكير الإيجابي؟
في الواقع يسعى الإنسان دائماً إلى أن تكون حياته حياة مليئة بالسعادة، والرفاهية، والنجاح المتواصل، ولذلك يحاول جاهداً أن يجلب لنفسه ولغيره الخير والمصالح المادية والمعنوية، وأن يدفع عن نفسه الضر والمفاسد، وإن مما يمكن الإنسان من الوصول إلى مراده أن يقوم بادئ ذي بدء بتحسين مستوياته الفكرية وذلك بتبني منهج فكري سليم عن نفسه وعن مجتمعه وعن الحياة بصفة عامة، وأن يدرب نفسه على التخلي عن الأفكار السلبية التي تحد من قدراته، والتي تضيع جهوده في سبيل تحقيق ما يصبو إليه من أهداف في حياته، ويؤكد العلماء المختصون على ذلك بقولهم:
" ومن هنا ندرك أهمية التفكير الإيجابي فالإنسان يستطيع أن يقرر طريقة تفكيره فإذا فكّر إيجابياً يستطيع أن يزيل الكثير من المشاعر الغير مرغوب بها والتي ربما تعيقه من تحقيق الأفضل لنفسه " .
"ويرتبط الاتجاه العقلي الإيجابي ارتباطاً وثيقاً بالنجاح في كل مجال من مجالات الحياة".
" وإن معرفتنا لتفاعل العقل الواعي والعقل الباطن سوف تجعل الإنسان قادراً على تحويل حياته كلها، فعندما يفكر العقل بطريقة صحيحة، وعندما يفهم الحقيقة، وتكون الأفكار المودعة في بنك العقل الباطن أفكاراً بناءةً وبينها انسجام وخالية من الاضطراب فإن القوى الفاعلة العجيبة سوف تستجيب وتجلب أوضاعاً وظروفاً ملائمة والأفضل في كل شيء، ولكي يغير الإنسان الظروف الخارجية فإنه يتعين عليه أن يغير السبب، والسبب هو الطريقة التي يستخدم بها الإنسان عقله وهو الوسيلة التي يفكر بها الإنسان ويتصورها في عقله"
وصدق الله العلي العظيم حيث يقول: [إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ]([6]) فإنه لا يغير نعمة أو بؤساً, ولا يغير عزاً أو ذلة ,ولا يغير مكانة أو مهانة . . . إلا أن يغير الناس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم , فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم . وإن كان الله يعلم ما سيكون منهم قبل أن يكون . ولكن ما يقع عليهم يترتب على ما يكون منهم، وإنها الحقيقة تلقي على البشر تبعة ثقيلة ; فقد قضت مشيئة الله وجرت بها سنته، أن تترتب مشيئة الله بالبشر على تصرف هؤلاء البشر; وأن تنفذ فيهم سنته بناء على تعرضهم لهذه السنة بسلوكهم، والنص صريح في هذا لا يحتمل التأويل، وهو يحمل كذلك ـ إلى جانب التبعة ـ دليل التكريم لهذا المخلوق الذي اقتضت مشيئة الله أن يكون هو بعمله أداة التنفيذ لمشيئة الله فيه يقول علماء الاجتماع والنفس:
" لكي تحقق النجاح وتعيش سعيداً وتحيى حياة متوازنة يجب أن يشمل التغيير طريقة تفكيرك، وأسلوب حياتك، ونظرتك تجاه نفسك، والناس، والأشياء، والمواقف التي تحدث لك، والسعي الدائم إلى تطوير جميع جوانب حياتك"
"ويجب عليك أن تعلم أن أي تغيير في حياتك يحدث أولاً في داخلك، في الطريقة التي تفكر بها، والتي تسبب لك ثورة ذهنية كبيرة قد تجعل حياتك سعادة أو تعاسة"
ويقولون أيضاً في التفكير الإيجابي:
" هو الباعث على استنباط الأفضل، وهو سر الأداء العالي، ويعزز بيئة العمل بالانفتاح والصدق والثقة"
" يدعك التفكير الإيجابي تختار من قائمة أهداف الحياة المستقبل الأفضل الذي يحقق أهدافك".
" تأكد أن التغيير الإيجابي البناء الذي تجريه داخل نفسك سوف يكون له الأثر النافع في شخصيتك وفي كافة نشاطاتك"
" أن تكون مفكراً إيجابياً يعني أن تقلق بشكل أقل، وتستمتع أكثر، وأن تنظر للجانب المضيء بدلاً من أن تملأ راسك بالأفكار السوداء، وتختار أن تكون سعيداً بدلاً من الحزن، وواجبك الأول أن يكون شعورك الداخلي طيباً
" إن العقل يمتلك فكرة واحدة في أي وقت فإذا أدخلنا في عقولنا فكرة إيجابية أخرجت الفكرة السلبية التي تقابلها، إن العقل لا يقبل الفراغ فإذا لم نملأه بالأفكار الإيجابية فسوف تملأه الأفكار السلبية"
" إن هذه الإيجابيات في عقولنا ومشاعرنا تصنع في حياتنا: الإيجابية، والتفاؤل والطاقة، والقدرة على الدفاع عن النفس، وصد الهجوم الذي يصدر إلينا من شياطين الأنس والجن، وأكبر منهما حديث النفس"
" عندما نفكر بطريقة إيجابية تنجذب إلينا المواقف الإيجابية، والعكس يحدث عندما نفكر بطريقة سلبية فإننا نجذب إلينا الموقف السلبية"
" إن الشخص الذي يفكر إيجابياً ويعتمد على نفسه، وينظر نظرة متفائلة يستطيع أن يستهوي ما حوله فعلاً، ويطلق القدرات التي تحقق الهدف"
" ويبحث التفكير الإيجابي عن القيمة والفائدة، وهو تفكير بناء توالدي، وتصدر منه المقترحات الملموسة والعملية حيث يجعل الأشياء تعمل، وهدفه هو الفعالية والبناء".
6
الرؤية الإيجابية
هوية الذات هي: الصورة الذهنية التي يحملها الإنسان عن نفسه، وإحساسه بذاته.
وللهوية الأثر الكبير في تحديد فكر الإنسان وقيمه وسلوكه، ونظراً لقوة تصورك الشخصي لذاتك فإنك دائماً ما تؤدي سلوكاً خارجياً يتفق مع صورتك لذاتك داخليا"، لذلك جاءت الأحاديث الشريفة لترسيخ الهوية الإيجابية وربطت كثيراً من أعمال الإنسان بها فمن ذلك قوله (صلى الله عليه وآله): " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ([7]) وفي نص آخر: (المسلم من سلم الناس من يده ولسانه) ([8]) .
ويرسّخ النبي (صلى الله عليه وآله) الهوية الإيجابية عند النفس المؤمنة من خلال ما يصدر عنها من أفعال ينبغي أن تطابق ما دلت عليه الهوية التي يحملها المؤمن قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" ([9]).
ويذهب النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ترسيخ الهوية الإيجابية في أدنى درجاتها وذلك بتحريض أتباعه من المسلمين بأن يكف الواحد منهم شره عن الناس (السلوك السلبي) إذا لم يكن قادراً على عمل الخير لنفسه أو لغيره (السلوك الإيجابي) فعن أبي ذر 6 قال: قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟.
قال:" الإيمان بالله، والجهاد في سبيله.
قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ؟.
قال: تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك".
فجعل النبي (صلى الله عليه وآله) الكف عن السلوك السلبي في حال عدم القدرة على السلوك الإيجابي من أفضل الأعمال.
وفي سبيل ترسيخ أدنى هذه المراتب يقول (صلى الله عليه وآله):" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت "([10]).
7
التفاؤل
إنه من عوامل التقدم والنجاح في الحياة والتفاؤل يجعل تأثير قوة الفرد تتضاعف عدة مرات أكثر من تأثيرها الطبيعي.
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم دوماً يتفاءل وشواهد ذلك كثيرة تاريخياً، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):" رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنا في دار عقبة بن رافع فأتينا برطب من رطب بن طاب فأولت الرفعة لنا في الدنيا والعاقبة في الآخرة وأن ديننا قد طاب")([11]) فأخذ (صلى الله عليه وآله) الرفعة في الدين من اسم رافع، والعاقبة لأمته من اسم عقبة، وطيب الدين من اسم طاب.
وكان هذا منهجه (صلى الله عليه وآله) في فتح أبواب الأمل والتفاؤل لأمته من بعده فعن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):" إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها")([12])
والواقع" إننا نعيش في عصر يزداد سلبية ومشحون بانفصام الصلات الاجتماعية وتفسخ الإيمان، وشيء من التفاؤل يساعد على مكافحة الحزن الذي يخيم على حياتنا، ويمنحنا الشجاعة والطاقة اللازمة للتغلب على الأزمات "
" وكون المرء إيجابياً يعتبر أمراً اختيارياً، فنختار النظر إلى الأشياء بطريقة إيجابية، وكذلك نختار التركيز على العناصر الإيجابية في موقف ما، وعلاوة على ذلك نستطيع البحث عن الفوائد والمزايا "
" إن التفاؤل يجعلنا نشعر بدنياً بحال أفضل، فالمتفائلون يعيشون بصحة أفضل من سواهم، لأن أجهزة المناعة لديهم تعمل بشكل أفضل لحمايتهم"  قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (تفاءلوا بالخير تجدوه) ([13]).
8
الإيحاء الذاتي
الحديث الذاتي:" هو ما يقوله الإنسان أو يؤكده لنفسه عندما ينفعل مع نفسه، أو يتفاعل مع تقييمه الذاتي لأدائه
إن ما يصدر عن الإنسان من أقوال وأفعال هو في الحقيقة ترجمة لما في ذهنه من قناعات وأفكار عن ذاته وعمن حوله وعن الحياة عموماً، وتتشكل تلك القناعات والأفكار جراء ما يتعرض له عقل الإنسان من مصادر التشكيل الداخلي والخارجي، فالتشكيل الخارجي مصادره متعددة: الأهل والأصدقاء والمدرسة ووسائل الإعلام، ولكن أشد تلك المصادر أهمية هو المصدر الداخلي لأنه يحدث ذاتياً وربما من غير أن يشعر به الإنسان، وتكمن خطورته في كونه ملازماً للإنسان طوال الوقت، ولا يستطيع الإنسان الهروب منه كما قد يفعل مع المصادر الخارجية، ولأنه قد يصل بالإنسان إلى مرحلة التعود فيقوم بترديد تلك الأفكار حتى تصبح جزءاً من أفكاره وقناعاته، وتكرار الإنسان للفكرة وتقبلها دون تمحيص دقيق ينتج لديه تصديق مطلق وغير قابل للشك فيما رآه واقتنع به سواء عن نفسه أو عن غيره أو عن الحياة.
ولذلك أرشد النبي J أتباعه إلى تعويد أنفسهم للحديث الإيجابي عن الذات، وتنفيرهم من الحديث السلبي الذي يبرمج حياة الإنسان
وورد عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «لا يقولن أحدكم خبثت نفسي».
وأما نتيجة الحديث السلبي مع الذات فيمكن النظر إليها من خلال حديث ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله) دخل على أعرابي يعوده وكان النبي J إذا دخل على مريض يعوده قال: لا بأس طهور إن شاء الله فقال للإعرابي ذلك، فقال الإعرابي: كلا بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور فقال النبي (صلى الله عليه وآله): فنعم إذاً".
نعم كانت الرسائل الإيجابية من النبي J لعموم الناس فقد قال لهذا المريض:" طهور " وهي رسالة إيجابية بمعنى أن الحمى طهر لك)، لكن الأعرابي أبى أن يتقبل هذه الرسالة الإيجابية فألف لذاته رسالة سلبية تتمثل في الهلاك والموت من هذا المرض
9
الكلمة الإيجابية
ومن أقوى الأساليب التي يرشدنا إليها النبي الكريم (صلى الله عليه وآله الأطهار) هي تخلية النفس وتعويدها النفور من الألفاظ والمعاني القبيحة
" فقد دلت الدراسات أن (80%) مما نقوله لأنفسنا يكون سلبياً ويعمل ضد مصلحتنا، فمن الممكن للبرمجة الذاتية، والتحدث مع النفس أن تجعل منك إنساناً سعيداً ناجحاً يحقق أحلامه، أو تعيساً وحيداً يائساً من الحياة "
وانظر معي إلى هذا الحديث النبوي الذي يعود المسلم على التنفير من مجموعة ألفاظ سلبية اللفظ والمعنى، وكل واحد منها مهلك للإنسان لوحده فكيف لو اجتمعت عليه كلها
قال أنس بن مالك: "فكنت أخدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا نزل فكنت أسمعه كثيرا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن ...".
" إن اللغة التي تتحدث بها لا تعكس سلوكك فقط، ولكنها أيضاً تؤثر عليه ؛ لذا عليك اختيار كلمات وعبارات مفعمة بالحيوية والإيجابية، لكي تنجح في حياتك الإيجابية، وعليك بفحص الكلمات التي تستخدمها وتغيرها إن لزم الأمر بحيث تعكس الإيجابية والتوجه البناء الذي تنشده"
وحديث الذات السلبي يقودك إلى الفشل، ويبدد احترامك لذاتك، وثقتك بنفسك، فيستنزف طاقاتك الجسدية والذهنية.
10
التطوير المستمر
إن من مقومات شخصية الإنسان الإيجابي مواصلة التطوير لذاته في جميع المجالات التي تعود بالنفع عليه في الدارين، وأن يطبق الأفكار الإيجابية على تصرفاته وردود أفعاله.
يقول أهل الاختصاص في هذا المجال: " ولكي تصبح فعالاً بحق عليك بتطبيق استراتيجيات التفكير الإيجابي، ليس فقط فيما يخص الأفكار والأفعال والانفعالات اليومية، ولكن بمستوى أعمق من ذلك بكثير بحيث ترسخ خصال شخصيتك بثبات وقوة 
" وإذا كان الجانب الأول للشجاعة هو الاستعداد لأن تبدأ فإن الجانب الثاني هو الاستعداد لأن تستمر وتتحمل فالانضباط الذاتي هو صفة تمنحك القوة التي تحتاجها لتقدم على المخاطر "
11
أهمية الالتزام
" الالتزام هو القوة التي تدفعنا لنستمر حتى بالرغم من الظروف الصعبة، وهو القوة الدافعة التي تقودنا لإنجاز أعمال عظيمة، وهو الذي يخرج من داخلك جميع القدرات الكامنة، ويجعلها تحت تصرفك، وبقوة الالتزام فإنك لن تتراجع وكلما خضت تجربة ستتفتح لديك الفرص الأكثر والأكبر للنجاح
ويرشد النبي صلى اله عليه وآله الأطهار الأمة إلى الالتزام بالعمل الإيجابي ومواصلة تنمية الكون حتى ولو كانت القيامة تلوح في الأفق قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):" إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها " ([14]).
إنها دفعة عجيبة للعمل والاستمرار فيه والإصرار عليه! لا شيء على الإطلاق يمكن أن يمنع من العمل! كل المعوقات.. كل الميئسات.. كل " المستحيلات ".. كلها لا وزن لها ولا حساب.. ولا تمنع عن العمل.
وبمثل هذه الروح الجبارة تعمر الأرض حقاً وتشيد فيها المدنيات والحضارات.
كل ما في الأمر أن الإسلام وهو يدعو لتعمير الأرض ، والعمل في سبيلها، لا ينحرف بالأفكار والمشاعر عن طريق الله وطريق الآخرة، لأنه لا يفصل بين الدنيا والآخرة، ولا بين الحياة العملية والأخلاق ".
12
الجدار الأبيض
ما أجمل هذا الجدار.. بياضه ناصع ويبعث على البهجة والانشراح، إلا أن في جانبه الأيمن نقطة سوداء غامقة.
لا ضير في ذلك.. والأمر أهون من أن يذكر في جمال صفحة الجدار المشرقة..
غير إن ذلك سيكون أمراً سيحقق الاهتمام عند الشريحة السلبية من المجتمع، ذلك لأن طبيعتها الراسخة التي يعجز عن التحرر من رقبتها: إنه ينظر برؤية سلبية إلى الجدار فلا ينشر البياض الناصع ظلاً إيجابياً عن نفسه ولا يلفته نظرة الجمال والتجديد والبناء المتقن وغير ذلك.. بل أثارته نقطة سوداء صغيرة..
ولو كان العكس لما التفت فالجدار الأسود واللوحة الغامقة طبيعية عنده ولا يلحظ النقطة البيضاء.. فلا يسجل ملاحظة أو انتقاداً..
إنها حالة شريحة مريضة عديمة الهدف قاصرة الرؤية في الحياة، كل شيء عندها محفوف بالسلبيات المزعجة.
ومثل هذا الإنسان المريض ينتقد الصيف وينتقد الشتاء وينتقد كل فصول السنة.. لأنه ذو بعد واحد.. بعد يظنه سلبياً.. وإن كان إيجابياً في حقيقته..
فالصيف الجميل وحركته الاجتماعية الواسعة وثماره الملونة الكثيرة الشهية وزياراته المكثَّفة وسفراته ونشاطاته الرياضية وعشرات المنافع الضرورية والحيوية الأخرى لا تؤخذ بعين الاعتبار.. وتنتقد حرارته التي هي من ضروريات الحياة أحيانا..
وهكذا يستهدف الشتاء لبرودته مع إغفال ضروراته الصحية وقضائه على الحشرات الضارة والأوبئة في المزارع.. وأمطاره التي تحمل معها كنوز الحياة السعيدة والرخاء.. كلها تنسى وينتقد برده النافع لمجريات الحياة.
وهذه الرؤية السلبية تطال كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكل شيء مادي أو معنوي..
وكل فرد ينتقد بصورة لاذعة لكلمة أو موقف أو صفة أو...
وكل مسؤول ينتقد.. وكل صاحب حرفة ينتقد وكل بناية أو معرض أو صورة أو مجتمع أو موكب أو نشاط أو شارع أو زقاق أو عمل..
فكما أنه لا يرى بياض الجدار ويرى نقطته السوداء.. كذلك لا يرى في الطبيب خدمته أو أخلاقه أو مثابرته وتحمله.. بل يرى فيه شيئاً من الكبرياء أو البطء أو تخلف وعده أو شيء آخر من ذلك..
ولا يرى في رجل الدين عزوفه عن بهارج الدنيا ونصحه لأبناء المجتمع وجهده للقيم الإنسانية والتوجيه إلى الخصال الحميدة.. لا يؤخذ شيء من ذلك بعين الاعتبار بل توجه إليه سهام النقد الجارحة لبعض كلامه أو صفة فيه.. أطريقة معيشته أو ما شابه ذلك...
فالرؤية السلبية طبيعة مرضية... ولا نفع فيها غير الإضرار والتنقيص وتقليل شأن المنتقد (بالفتح) وتثبيط همته وكسر عزيمته...
إنها حال تشبه طبائع الذباب الذي يبحث عن الجرح والمتقيح في الجسد ليحوم حوله..
وتشبه أيضاً طبائع الطيور الآكلة للجيف تاركة كل الأغذية الطيبة والنافعة في المزارع والغابات الغنية الواسعة
13
قلع أسنان الكلام
الأسنان شأنها التقطيع والهضم يستخدم لثلم قطعة من اللحم أو التفاح أو الرمان أو ما أشبه..
والأنياب الأربعة تكسر الصلب من الأغذية وتهشم ما يستعصي على القواطع الأمامية..
أما الطواحن فتحول الغذاء إلى عجين مهروس..
وهذه الأسنان من أفتك أسلحة الحيوانات المفترسة في الغابات.
ومن تقلع أسنانه يفقد السيطرة على الأكل ولايستسيغ إلا الطعام المهروس أو اللين السهل كالثريد...
وهل للكلمات والجمل أسنان جارحة وأنياب قاطعة يمكنها إحداث جروح غائرة؟؟
الجواب نعم، ولكن مع فرق أن الأسنان الطبيعية تقطع المواد الصلبة أما أسنان الكلام فتقطع المعنويات الصلبة وتضعف شخصية الآخر وأحياناً تصرعه وتقتله اجتماعياً فتحرق هيبته ورصيده وسمعته.. فتحول كيان الشخص المعتبر إلى خواء ضار يتبرأ منه الناس!!
ولقد ورد في النص الإنساني الرائع عن الإمام العسكري (عليه السلام): «ما وضع الرفق على شيء إلا زانه ولا وضع الخرق (الشدة والعنف) على شيء إلا شانه» ([15]) . والكلام اللين يزين صاحبه والمخاطب به ويكون مقلوع الأسنان وفاقداً لأي طعن وجرح عكسه الحديث المصحوب بالخرق والخشونة والجفاف يحط من شأن صاحبه ويلحق الأذى بالمخاطب وينقض الغرض الذي يهدف المتكلم تحقيقه فالكلام المقلوع الأسنان ولا يعظ المخاطب ولا ينال منه بل يؤثر فيه ويحقق الغرض.
14
التوريث الإيجابي
حين يموت الإنسان وتنقطع صلته بالحياة لا يبقى إلا ما خلفه من إرث فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:" إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية (أي الأوقاف)، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له "([16])
ويحث النبي أتباعه للتوريث الإيجابي ويفتح لذلك باباً واسعاً، كما ينفر أشد التنفير من أبواب التوريث السلبي بقوله (صلى الله عليه وآله):" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء
15
العدو الداخلي
ومن أهم الأمور التي ينبغي على من يسلك طريق التفكير الإيجابي أن يخلي نفسه دائماً مما قد يعكر صفو تفكيره ومن ثم أفعاله التابعة لذلك التعكير .
إن العدو الكبير للتفكير الإيجابي هو داخلك، وليس خارجك، ويتأتى من تغيير المزاج، فلا تدع حماسك يخفت ويذبل بسبب أن مشاعرك اليوم تختلف عما كانت عليه في المرة الأخيرة، لا تربط مزاجك المتأرجح بأهداف حياتك الإيجابية، وإلا فقد تشعر وكأنك أخفقت في حين لم تبدأ بعد
وفي هذا المعنى يرشدنا النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المحافظة على القوة، والحرص على النافع، والاستعانة بالله وعدم العجز والتواني في طريق العمل الإيجابي، وتطوير الذات فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله):" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان " ([17])
إن أحد الأسباب التي تجعل الكثيرين منا يواجهون متاعب في ترك الماضي وراءهم هو ميلنا جميعاً إلى التفكير في أنه لم يكن ينبغي أن يحدث ذلك لأي منا، فهذا ظلم، عندما نسمح لأنفسنا بالتفكير بهذه الطريقة ونجعل الفكرة تستحوذ علينا نبدأ في الوقوع في شباك الغضب والاستياء.
16
الإيجابية الاجتماعية
فلأن الإنسان لا ينفك عن علاقة مستمرة مع من حوله، ولما قد يترتب على تلك العلاقة من تجاذب أو تنافر بين أصحابها فقد جاء في السنة النبوية الشريفة وروايات أهل البيت (عليهم السلام) وسيرتهم أمور كثيرة تؤصل لأسس التفكير الإيجابي تجاه المجتمع، وترسخ تطبيقاته في الحياة اليومية لينعم المسلم بحياة متوافقة مع مجتمعه يسودها الحب والوئام، وحب الخير للناس وجلبه لهم. فعن الرسول (صلى الله عليه وآله) قال:" إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم " ([18])
قيل في شرح الحديث:" معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساوئهم ويقول فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالاً منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم".
" وثمة طريقتان أساسيتان للنظر إلى العالم، بوسعك التحلي بنظرة للعالم تتميز بالإيجابية فتصير شخصاً إيجابياً، وترى العالم في إطار الخير والإحسان، وتصير أكثر تفاؤلاً حيال ذاتك، وتصير شخصاً أكثر سعادة، وأكثر فاعلية، أو التحلي بنظرة تتسم بالسلبية والخبث تجاه العالم فلن ترى سوى المشكلات والظلم في كل مكان، وترى القيود وعدم الإنصاف بدلاً من رؤية الفرص والأمل
فحين تترسخ هذه النظرة لدى المفكر الإيجابي فإنه بلا شك سيقبل على مجتمعه يخالطه، ويناصحه، ويصبر على ما قد يترتب على ذلك من أذى.
ويرسخ النبي (صلى الله عليه وآله) هذا المعنى الإيجابي بذكره لقصة نبي من الأنبياء ليعلم أمته كيف تكون علاقتهم الإيجابية مع المجتمع حتى ولو حصلت لهم الأذية في سبيل الخير والفلاح الذي يحملونه لمجتمعهم.
فعن عبد الله بن مسعود قال:" كأني أنظر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
" لذا يجب علينا أن نسأل أنفسنا عن حقيقة مشاعرنا تجاه الآخرين، هل هي مشاعر إيجابية ؟ أم مشاعر سلبية ؟ حتى ننجح في إدارتها، وتصويب سهامنا للوصول إلى قلوب الناس بأقل مجهود وأقصر الطرق نجاحاً لفتح مغاليق القلوب 
17
محبة الآخرين
" يعتمد النجاح دوماً على عاملين هما: مهارات العمل، والعلاقات الإنسانية، إن بناء علاقات إنسانية ناجحة يبدأ بالموقف الإنساني الإيجابي
" وأولى المواقف الإيجابية في إنشاء علاقة إيجابية هي محبة الناس ابتداءً، فمحبة الناس لك هي أصلاً انعكاس محبتك لهم، فيفتح الناس لك قلوبهم كما تفتح الزهور لأشعة الشمس"
ولذلك ربط النبي هذا الحب بالإيمان لأنه أوثق العرى، وأقوى رابطة بين الناس، فجعل مما ينجي العبد بعد الإيمان بالله، هو محبة الآخرين لله عز وجل وجعل من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:" ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه " ([19]) قال (صلى الله عليه وآله): لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ([20]) .
" فحين نحب الآخرين بصدق فإننا نساعدهم على الإحساس بالأمن والطمأنينة، ونؤكد قيمتهم الأساسية، ونسهل لهم أن يعيشوا قوانين الحياة من التعاون والمشاركة، والانضباط، والاستقامة"
ويتجلى الحب الحقيقي للآخرين في صور عملية شتى ومنها:
ومحبة الخير لهم:
" ليست الأفكار والكلمات سوى أدوات للمشاعر في علاقتك مع نفسك، وفي علاقتك مع الآخرين، وإذا لم ترافق الأفكار والكلمات مشاعر مناسبة، فإن تأثيرها يكون غير مباشر وفي أدنى حد، ويقيني أنه حين توجد مشاعر الحب، فإن الأفكار الإيجابية تتبعها بشكل آلي "
و" السلوك الإيجابي الواثق: هو تصرف فاعل ومباشر وصادق، وهو يترك انطباعاً من احترام الذات واحترام الآخرين، فبإتباعنا السلوك الإيجابي الواثق نضع رغباتنا ومتطلباتنا وحقوقنا بالتساوي مع رغبات ومتطلبات وحقوق الآخرين وبهذا يؤدي سلوكنا إلى التساوي والتكافؤ في النتائج بيننا وبين الآخرين، مما يجعلهم يتقبلون التفاعل والتعاون معنا بدون التعرض لردود الفعل أو الانتقام، بل يشجع على إقامة علاقات نزيهة وصريحة وواضحة 
18
مد يد العون
" على من يريد الانسجام أن يقدم الغير على نفسه، حتى ولو كان هذا التقديم يسبب حرمانه من كثير من ملاذ الحياة، فإن الشعور الذي يحصلون عليه من كونهم مصدر سعادة للآخرين يغمرهم بلذة قد لا تعادلها اللذائذ الأخرى في الحياة".
ويرشدنا الدين إلى ما هو أعمق وأقوى من المردود النفسي الذي نجنيه من مساعدة الآخرين ألا وهو الجزاء بالمثل من الله تعالى للإنسان على كل معروف يسهم به الإنسان في إسعاد الآخرين فجزاؤه ليس من عند البشر بل هو من عند رب البشر، الذي بيده ملكوت السموات والأرض، وأي تحفيز أعظم من كون الله في عون من يعين غيره من الناس، وأي اطمئنان نفسي يحصل للإنسان حين تحل به كربة بأن الله هو الذي سينفس عنه كربته، وأي يسر بعد عسر سيجده من يسر على معسر إذا كان الله هو الذي سيتولى تيسير كل عسير قد يواجهه في مستقبل حياته.
ورد في الحديث الشريف:" من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ..... والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ".
إن الحب ينمو بالمشاركة، ويمكنك أن تمتلك الأكثر لنفسك عندما تعطيه للآخرين.
19
الدين: النصيحة
وهذا مبدأ إسلامي أصيل جاء من تفكير إيجابي في المبادرة لتقديم الرأي والمشورة الصادقة لمن يحتاجها، فالنصيحة معناها:" محبة الخير للمنصوح "وجعل النبي (صلى الله عليه وآله) الدين محصوراً في النصيحة فقال:" الدين النصيحة قلنا لمن ؟  قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم " ([21])
ونجد أن بعض المسلمين قد فهم من حديث النبي فطبقه واقعاً عملياً، قال أحدهم:" بايعت رسول الله على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم" فكان إذا اشترى شيئاً أو باعه يقول لصاحبه اعلم أن ما أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناكه فاختر، وقال بعض شراح الحديث في بيان النصيحة للمسلمين:" والنصيحة لعامة المسلمين الشفقة عليهم والسعي فيما يعود نفعه عليهم وتعليمهم ما ينفعهم وكف وجوه الأذى عنهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه.
ويفتح الدين الحنيف أبواباً متعددة لمن أراد فعلاً إيجابياً تعود فائدته على الغير، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما مضمونه:" كل سلام من الناس عليه صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة وتميط الأذى عن الطريق صدقة".
" فكلما منحت دون توقع عائد أو مردود، أصبت المزيد من أبعد المصادر عن توقعك، وطالما واصلت غرس بذور الطيبة والخير سيعود عليك عملك من جهة غير متوقعة على الإطلاق، وفي وقت بعيد عن الاحتمال، كل ما عليك القيام به هو التأكد أنك تقدم ما لديك على الدوام، وأما الثمار فسوف تنضج نفسها بنفسها.

20
باتجاه التغيير
ولقد ورد في مقالة جميلة لبعض كتاب التغيير نشرت على الانترنت تحت عنوان (التفكير الإيجابي.. للبدء في تغيير الواقع)
احتوت على باقة من التعليمات الحيوية الإيجابية نوردها هنا بتصرف يسير:
يقول علماء النفس، عندما تطلق لخيالك العنان كي ترسم الصورة التي تحبها في حياتك فانك بذلك تستخدم قوة التفكير الإيجابي في تغيير واقعك الذي لا تريده. هناك عدة طرق لمساعدتك على تحويل خيالك إلى واقع  .
حدد حلمك.. كثيرون يشعرون بالتعاسة في حياتهم لأنهم لا يعرفون ماذا يريدون كما أن تحديد ما تريده أول خطوة على طريق النجاح وإذا أردت أن تنجز شيئا مهما عليك بالتركيز عليه ولا تدع أي شيء يبعدك عنه.
وعليك أن تكرر بينك وبين نفسك ما تريده فهذا التكرار يصنع نوعا من الشعور الإيجابي داخل عقلك الباطن ويجعلك قادرا على فعل ما تريد.
التأمل يجعلك تشعر بأنك أقوى وأكثر إيجابية من النواحي العاطفية والجسمانية والروحانية ويعيد لك شحن بطاريتك ويجعل تخيلك أقوى وأسهل.
التركيز الدائم أمر صعب لكن كي تستفيد من أفكارك الإيجابية التي تنبعث من عقلك عليك التخلص من أفكارك السلبية وهذا ما يسمى بعملية التطهير. طرد الأفكار المحبطة واستقبال الأفكار الإيجابية.
هذا ومن جانب آخر، فإن الحياة التي نحياها والطريقة التي نعيش بها هي عبارة عن انعكاس لسلوكنا وفي كيفية تناولنا لهذه الحياة وتعاملنا معها. لذلك فبإمكاننا أن نتعلم بعض الأساليب التي من شانها أن تغير الطريقة التي نتعامل بها مع أنفسنا وبالتالي كيفية تناولها للحياة عندما نواجه المشاكل أو الفشل.
الملحوظات التالية تساعد في تقوية حس التفاؤل عند الإنسان بحيث يستطيع التغلب على مشاكل الحياة بقوة شكيمة وبعزم اكبر.
حارب الأفكار السلبية: حاول محاربة الأفكار السلبية والسوداوية، كذلك لا تكثر من التفكير في المشاكل بل أبعدها قدر الإمكان عن تفكيرك وحاول دوما التفكير بالأمور الإيجابية.
حاول تعليم نفسك دروسا في التفاؤل: حاول إيجاد الأمور الإيجابية في الأوضاع السلبية. حاول دائما تقييم تجاربك حتى الفاشل منها على أنها خبرات تضاف لحياتك وأنها دروس تعلمت منها أن تكون أكثر صلابة.
حدد أهدافا منطقية لحياتك: إذا قمت بتحديد أهداف صعبة جدا فان احتمالات الفشل كبيرة وهذا يؤثر سلبا على نفسيتك. قم بوضع أهداف ممكنة لأنك كلما حققت هدفا زاد ذلك من تفاؤلك. ليس هنا المقصود أن لا تتطلع لإنجازات كبيرة بل أن تقوم بتقسيم أهدافك على مراحل بحيث يصبح تحقيقها يبدو ممكنا.
كف عن المبالغة: لا تبالغ في وصف المشكلة التي تواجهها بل حاول أن تقلل من شأن المشكلة.
أما عن بعض الأمور التي تساهم في تحسين المزاج النفسي بحيث يشعر الإنسان بالتفاؤل فهي:
* حاول تغيير المنظر عن طريق تغيير الأماكن بحيث لا تعتاد على نمط معين في الحياة.
* حاول عمل شيء يدفعك إلى التحدي، بحيث تتحدى قدراتك وتكتشف طاقاتك الدفينة.
* حاول من وقت لآخر عمل شيء مختلف عن روتين حياتك لكي تكسر الملل.
* حاول التعرف على أشخاص جدد كلما سنحت لك الفرصة لان ذلك يفتح أمامك آفاقا جديدة ومعارف جدد قد يضيفون الكثير إلى حياتك.
* حاول أن تبتسم أكثر، لان ذلك سنعكس على نفسيتك.
* حاول أن تستمتع بما بين يديك بدلا من النظر إلى ما بيد الآخرين.
21
وباتجاه الايجابية والتفاؤل
وتحت عنوان (تفكير ايجابي لحياة ايجابية) حيث باقة أخرى من التعليمات الحيوية كتب الأستاذ Mais S  ما نصّه:
التفكير الايجابي هو التفاؤل بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى،  النظر إلى الجميل في كل شيء.و للتفكير الايجابي اثر فعال وقوي في نفسياتنا وأمور حياتنا اليومية والمستقبلية .
ومن التفكير الايجابي أن تتأمل في نفسك جيدا وستجد الكثير من المواهب والقدرات التي وهبك إياها الله تعالى,لكن للأسف كثير من الناس تصر على رؤية العيوب وتضخيمها سواء كانت عيوبه أو عيوب غيره, وأنا لا اقصد هنا العيوب الخَلقية وإنما العيوب الأخرى.
قال تعالى: Pفَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًاO([22]).
سبحانك يا ربي...
كم من كتاب كُتب عن التفكير الايجابي ولخصه الله عز وجل في أية,
فلو كان هناك أمر ما ورآه الشخص سوداويا وكان ينبثق منه ومضة نور فعلى الشخص أن يتوجه وينظر إلى تلك الومضة فتلك الومضة هي الجانب الايجابي للموضوع.
لا تكره ما يحدث لك, وإن توالى حدوثه فلا تتذمر وتقول (لما كل ذلك يحصل لي أنا بالذات, لما حياتي كلها نحس…الخ)
مهما يحدث لك من أمور لا تعجبك لا تنظر إليها وتقف,ابحث عن الجانب المنير في حياتك وإن كانت ومضة ضوء فهي التي ستنير طريقك لتعمل على معالجة الأمور التي لا تعجبك, هذا الجانب المضيء سيعطيك القوة للتغلب على أي أمر,.
وأنا لا أقول إنه إذا حصل لك أمر محزن أو مأساوي أن لا تتأثر أو تتألم, أعطِ كل شيءٍ حقه, ما أقصده أن تتخطى الأمر وتنظر ولا تجعله يؤثر عليك سلباً.
أنا أؤمن بأن الإيمان بالله من أعماقك يغير نظرتك للأمور, عندها سترى أن كل ما أعطاك إياه الله جميل,
وسأعطيكم بعض الأمثلة:
قد يتذمر البعض انه لا يملك السيارة التي يحلم بها, قل الحمد لله إنه لديك واحدة غيرك لا يستطيع أن يملكها,
والذين يتذمرون أنهم لا يملكون سيارة قل الحمد لله هناك من لا يملك قدما يسير عليها وهكذا…
عندما تُحرم شيئا فان الله يعوضك في أشياء أخرى, كمن يحرمه الله نعمة النظر يكون مبدعا في ناحية أخرى..
وفي الحياة أمثلة كثيرة.
وحتى لو كان هناك من لا يملك شيئا أقول له يكفيك الإيمان بالله والرضا.
وهذا ما أريد أن أصل إليه.. الرضا, إذا كنت راضيا بما لديك فأنت بذلك ملكت العالم...
قال تعالى:  [رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ] ([23]).
أما إذا نظرت إلى الجانب السلبي (الجانب المظلم) فانك لن تستطيع الحراك في الظلمة التي تحيطك وستبقى على ما أنت عليه بل وأسوء لأنه عندها سترى الجانب السلبي من كل أمر..

22
خطوات ايجابية لإحراز مهارة التفكير الإيجابي
واليك بعض الأمور التي تساعدك على التفكير الإيجابي:
* الهدوء والاسترخاء أمر ضروري ومهم لاستعادة التوازن النفسي والذهني والعاطفي.
* عليك مراقبة أفكارك بأن تستأصل منها الأمور السلبية لأنك لو استمريت في الخوض في مجرد التفكير فيها فإنها ستصبح عادة وتلتصق بك وتؤثر على أمورك الحياتية الأخرى, إن ذلك يتطلب وقت فعليك المحاولة والثبات.
* لابد من وجود أهداف سامية علمية وعمليه تسعى للوصول إليها.
* شارك في دورات علميه ومهارية تكتسب منها مزيدا من الثقافة والعلم في مجال فن النجاح وفن التفكير الايجابي.
* إياك والانطواء على الذات,نعم يحتاج الفرد منا للحظات مع نفسه اجعلها إيجابية لا تودي بك للانطواء.
* إياك والاسترسال مع الانفعالات واحذر من الغضب وتماسك قبل أن تقدم على أي تصرف حتى لا تعيش رهين أفكار نشأت من ردات فعل متسرعة , راجع نفسك دائما وقومها واعرف ما لها وما عليها وما هو من طاقتها وما هو فوق ذلك.
* ابدأ صباحك بعد ذكر الله بابتسامة ملؤها الرضى والحيوية فلذلك أثر قوي.
* احرص على نفع الآخرين ومساعدتهم ومد يد العون لهم، فإن صدى هذا الخير يرجع إليك وأثره ينالك لا محالة.
* إذا اجتاحتك الأفكار السلبية أو خاطرة تشاؤمية ابق هادئاً واسترخ وتأملها بعين الموضوعية حتما ستجد أنك كنت تبالغ وتعطي الموضوع اكبر من حجمه
* تذكر أن التفاؤل سبيل عظيم نحو السعادة الداخلية فلا تحرم نفسك إياه، فقط انظر إلى الجانب المشرق والجميل في الأشياء.
* تعلم فن التجاهل للأفكار السلبية، قل دائما (وليكن, لا بأس) امض في طريقك ثابتا هادئا, الأمر ليس سهلا لكن الوقت بإذن الله كفيل أن يوصلك إلى هذا الانسجام الداخلي الرائع.
* الحياة قد تفرض علينا ظروفا سلبية لكن القدرات التي خلقها الله تعالى لنا يمكنها تجاوز هذه الظروف للوصول لحياة مستقرة ناجحة.
* لا تيأس بعد أول محاولة غير ناجحة في الاتجاه الايجابي، وكرر المحاولات فستنجح.
إن التفكير الايجابي منهج حياة قائم بذاته علينا اكتشافه وتطبيق بنوده لنتقدم دوماً إلى الأمام في حياة كريمة سعيدة.
23
التواصل الإيجابي مع المجتمع
فإن من الحاجات الضرورية للإنسان حاجته للانتماء، وهذه الحاجة تفرض عليه أن تكون له علاقة مع الآخرين، وهذه العلاقة إن لم تكن إيجابية تحقق للإنسان مصالح دينية أو دنيوية، أو تدفع عنه ضرراً مادياً أو معنوياً، ولا سبيل لعلاقة إيجابية ما لم تكن مؤسسة على فكر إيجابي يحفز الإنسان ليتواصل مع غيره بإيجابية.
" إن علاقتنا مع غيرنا هي تعبير عن تركيبتنا النفسية والعقلية،فهي جزء من صفاتنا وجزء من حياتنا وتبين مقدار تقديرنا لذاتنا وصورتنا الذاتية"
إن مهمة التواصل مع الغير ليست بالسهلة اليسيرة، وليست بالصعبة المستحيلة فإن الحاجة ماسة لأن يعيد الإنسان النظر في الخلل في طرق اتصاله مع الغير.
24
الرسائل الإيجابية
الكلمة هي أكثر الرسائل استخداماً في التواصل بين الناس، وعلى حسب ما يختزنه المرسل في ذهنه من تفكير إيجابي أو سلبي تصدر عن نوعية الرسالة، والإنسان مخير لأن يختار الرسالة ذات الدلالات الإيجابية أو السلبية، فنجد الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) يحث على اختيار الرسائل الإيجابية والكلام الايجابي قال:  Sاتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبةR.
وذلك لأن الله جعل في فطرة الناس محبة الكلمة الطيبة والأنس بها كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الأنيق والماء الصافي وأن كان لا يملكه ولا يشربه.
"من القواعد التي يجب معرفتها في العلاقات مع الآخرين أن أثر الكلام الإيجابي الذي نتكلمه يعود علينا إيجابياً، والكلام السلبي يعود علينا سلبياً "
والعاقل يسلك طريق الرسائل الإيجابية ويجتنب الرسائل السلبية في تعامله مع الآخرين، وقد ورد في الحديث أن رجلا قال:" يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها؟، قال: هي في النار.
وذكر عنده (صلى الله عليه وآله) أن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدق بالأثوار من الأقط([24]) ولا تؤذي جيرانها بلسانها؟ قال: Sهي في الجنةR.
" إذا كان ما يخرج من أفواهنا هو تدفق لما هو مخزون في قلوبنا، فمن الحكمة أن نتأمل جيداً المنبع، نحن بحاجة إلى أن نفحص الكلمات التي تنساب على ألسنتنا أو على وشك أن ننطق بها، لكن الأهم هو أننا نحتاج إلى أن نسأل أنفسنا كيف وصلت إلى هناك في المقام الأول".
25
التبسم في وجوه الآخرين
إذا عجز الإنسان عن التواصل اللفظي مع الآخرين من خلال الكلمات الإيجابية إما لعدم القدرة عن التعبير، أو لعدم اتساع الوقت لديه للحديث معهم فباستطاعته التواصل معهم بإيجابية بأمر لا يكلف كثيراً من الجهد والوقت بالابتسامة.
ويرشد النبي (صلى الله عليه وآله) أمته إلى هذا المعنى بقوله لأبي ذر 6:" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق "  يقول علماء الاجتماع: " ابتسم، فإنه شخص نادر الذي لا يتجاوب مع الابتسامة، فليس فقط تقوى مشاعرك بالتصرفات الودية ولكن عندما تبتسم يفرز دماغك هرمون الأندروفين، المزيل الطبيعي للألم من نظام الجسم، وهكذا تنتهي بأن تشعر بشكل أفضل تجاه نفسك "
وورد في الحديث الشريف:" تبسمك في وجه أخيك لك صدقة.
والرسول المربي  (صلى الله عليه وآله) لا يريد أن يعرفنا بمنابع الخير فحسب، ولا أن يعودنا على الخير فحسب. بل إن من وراء تعديد الصدقات في الكلمة الطيبة وفي تنحية الأذى عن الطريق و... وتبسيطها حتى تصبح في متناول الجميع، معنى آخر.. وبالتفاتة سريعة لتاريخ أهل البيت (عليهم السلام) نرى في تعاليمهم المضيئة نفس النهج الإيجابي الذي أسسه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).
الإعطاء حركة إيجابية. ولذلك قيمة كبرى في تربية النفوس.
فالنفس التي تتعود الشعور بالإيجابية نفس حية متحركة فاعلة. بعكس النفس التي تتعود السلبية فهي نفس منكمشة منحسرة ضئيلة.
فالدين الحنيف يريد للمسلم أن يكون قوة إيجابية فاعلة، ويكره له أن يكون قوة سلبية حسيرة.
والشعور والسلوك صنوان في عالم النفس، كلاهما يكمل الآخر ويزيد في قوته.
" فالابتسامة هي أقوى علامة من علامات الشخص الواثق من نفسه، والشخص المبتسم يبث الثقة، ويبث الراحة النفسية في نفوس الآخرين فالنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) كانوا يربون في أتباعهم وأصحابهم.
المعاني العظيمة من خلال هذا السلوك الإيجابي
26
التفهم الإيجابي لمشاعر الآخرين
فإن تصرفات الإنسان منبعها ما يختلج في نفسه من فكر، وصاحب التفكير الإيجابي ينظر إلى تصرفات الآخرين نظرة إيجابية تبعده عن أوهام سؤ الظن بهم، ويبادر إلى إظهار ما لديه من تفسيرات لأفعال الآخرين حتى يبقى مرتاح الضمير وحتى لا تتراكم التفسيرات السلبية فتصل به اتخاذ مواقف سلبية من الآخرين إما بالهجوم عليهم أو بالانسحاب السلبي من حياة من يحب أو يعاشر.
وقد بنيت العلاقات الناجحة دائماً على الاحترام المتبادل، لذا عليك أن تنفتح على الآخرين، وان تخبرهم بمدى تأثيرهم عليك، ومن ثم فإنهم يقدّرون أن تخبرهم بتفاصيل ما يروقك، وأن تعبر لهم عن مشاعرك وأفكارك تجاههم.
27
صناعة الإيجابية في المجتمع المسلم
الإيجابية كأي صفةٍ قد تكون راسخة في نفس صاحبها بفعل الجينات الوراثية، وقد تكون مكتسبة نتيجة لاستشعار صاحبها بأهميتها وحاجته إليها، فيفسح المجال لاكتسابها حتى تكون وكأنها صفة راسخة فيه.
ويحتاج هذا الكسب لأمور لا بد منها:
1ـ الإرادة: وهي الدافعة إلى العمل،﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾ ([25]).
وهي عزمة من عزمات القلب، يتوجه بها صاحبها نحو العمل؛ فالعمل ثمرة النية وفرع الإرادة عنها.
2ـ تحديد الهدف: فالمسلم لا يحيا حياةً عبثيةً([26])، فهو يعرف ما يريد في ضوء مراد الله جل وعلا ، وما انتظمت الحياة لمهمل، ولا صفت لمَن لم يعرف له في الحياة هدفًا ولا غاية، "وأعظم غاية للمسلم، وأخطر قضية هي أن يفوز في حياته الأخروية تلك، وينجو من الخسران فيها، وكيف لا؟! وقد علم أنها هي الحياة الأبدية والخالدة التي لا تفنى ولا تنتهي .
وكيف لا؟! وقد أيقن أن الفوز في الآخرة هو الفوز العظيم، وأن الخسران فيها هو الخسران المبين والدنيا مزرعة الآخرة، ووسيلة لها، ومن فقد الوسيلة فقد الوصول؛ لذا كان لزامًا أن تحدد الأهداف والغايات.
والأهداف في الحياة إما أنها كبرى دائمة أو صغرى مرحلية.
ولا بد أن تكون الأهداف الصغرى خادمةً للأهداف الكبرى، ودائرة في فلكها، وطريقًا للوصول إليها. ولتحديد الأهداف يلزم:
مراعاة الإمكانات
أولاً: مراعاة الإمكانات المتاحة، ثم تحديد الأهداف على مقدارها؛ فلا تكون الأهداف خيالية في طموحها بينما الإمكانات المعدة لها متواضعة جدًّا، أي أن يكون الهدف ممكنَ الحصول والتحقيق.
تناسب الزمن
وثانياً: يجب أن يكون الهدف مناسبًا للزمن الذي قدر لإنجازه.
* * *
3:  يجب أن يكون محددًا واضحًا لا غموض فيه ولا لبس؛ لأن عدم تحديد الهدف أو عدم وضوحه يجعل الإنسان غير قادر على الوصول إلى ما يريد أو عدم معرفة ما يريد.
4: من شروط تحقق الأهداف وضع خطة عملية للوصول إليها؛ فالهدف مهما كان عظيمًا وممكنًا ومشروعًا ومحددًا ما لم يبين سبيل الوصول إليه يبقى أفكارًا وآمالاً فقط، أما تحققه في الواقع فلا بد له من خطة توصل إليه.
5:  بعد إنجاز الخطة وتوفير الاحتياجات وتحديد زمن التنفيذ يكون التنفيذ للخطة من أجل الوصول للهدف.
6:  ترتيب الأهداف التي نسعى لتحقيقها الأولى فالأولى.
7: تجزئة الأهداف الكبرى إلى أهداف مرحلية صغرى، وبعدها تحقق كل هدف مرحلي على حدة.
علو الهمة
وثالثاً: علو الهمة، فإن وضوح الأهداف وحده لا يكفي للتغيير، ولكنه يحتاج إلى قدرة على التغيير، وتتفاوت درجات القدرة من شخص لآخر، حتى تنتهي عند الإرادة القلبية، وليس وراء ذلك للمرء من سبيل، وذلك واضح من الحديث الشريف: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» ([27]).
والعيب كل العيب فيمن كان قادراً على التغيير، ولكن نفسه ركنت إلى الجمود والسكون، وما أجمل قول المتنبي:
وَلَم أَرَ في عُيوبِ الناسِ شَيئًا
                     كَنَقصِ القادِرينَ عَلى التَمامِ ([28])
والأمة الإسلامية لا تعوزها القدرة، ولكنها تحتاج إلى همة عالية، ونفس وثابة متطلعة إلى المعالي لا تكل ولا تمل، وعمل دءوب لا ينقطع، وروح شفافة وطموحة قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «المرء يطير بهمته كما يطير الطائر بجناحيه» ([29]) وقال: «علو الهمة من الإيمان» ([30]) .

الوسائل
ورابعاً: الوسائل، فإنه لإتمام أي عملٍ لا بد له من نية تدفع للقيام به، ثم تحديد الهدف المرجو من هذا العمل، ثم التحرك الفاعل لإتمام هذا العمل، ويكون ذلك عن طريق اتخاذ الوسائل العملية المناسبة والشرعية؛ لأن المسلم لا يكون ميكافيليّاً يرى أن الغاية تبرر الوسيلة؟ الوسيلة المشروعة المحققة لغايته النبيلة. ومن الوسائل الفعالة لبلوغ الأهداف المرحلية وانجاز المهمات:
آ ـ سيرة الناجحين
إنَّ دراسةَ سير الناجحين على مر العصور ابتداءً من الرسل والأنبياء العظام والأئمة المعصومين (عليهم السلام) إلى المجددين في العصر الحديث، وإبراز الدور الذي لعبوه في التغيير والإصلاح، وكيف أنهم لم يجدوا السبل ممهدة معبدة، ولكنهم شقوا طريقهم بين الصخور، متحملين العنت والمشقة من المدعوين، لم يدخل الضعف إلى نفوسهم، استعانوا بالله رب العالمين، وأخذوا بالأسباب ولم ينظروا إلى النتائج؛ فالمهم العمل؛ لأن المحاسبة تكون على الأعمال لا على النتائج.
كل ذلك مدعاة لنا أن نسلك طريقهم، ونتخذ منهجهم في التغيير، وأن يكونوا القدوة لنا في زمن عزَّ فيه أن نهتدي للشخصيات الصالحة للاقتداء ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ ([31]) ومن لم يستطع تحقيق النجاح فعليه التشبه بالناجحين وما أجمل قول الشاعر:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
                       إن التشبه بالكرام فلاح ([32])
ب ـ معاشرة الناجحين ومصاحبتهم
إن مصاحبة هؤلاء الإيجابيين "أولى الهمم العالية لترفع همة الفرد، وتجعله يتعلم من سلوكهم العملي ما لا يتعلمه من كثيرٍ من المواعظ والكلام، فقد قيل: «عمل رجل في ألف رجل خيرٌ من قول ألف رجلٍ في رجل».
وبالاحتكاك والمعايشة تنتقل الصفات الإيجابية بين الأفراد وتنتشر؛ حتى تصبح الإيجابية صفة جماعية بمعنى أن المجتمع كله يكون إيجابيّا وليست صفة أفراد متفرقين مما يقود هذه الأمة إلى تحقيق علو الإسلام الذي قال عنه (صلى الله عليه وآله): «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» ([33]) .
ج ـ البرامج الإيجابية
في مجتمعاتنا الإسلامية الآن فئات تشعر بأهمية التغيير، وتدعو لحمل همِّ الأمة، وتطالب بالمبادرة إلى الإسراع بخطى التغيير نحو الإصلاح الحقيقي للأمة، وتضع برامج للتغيير والإصلاح، وتحاول نشر ذلك من خلال الدورات والدروس، وورش العمل... إلخ.
وهذه البرامج الحيوية وسائل لصناعة الإيجابية وبناء روح التقدم في الأمة ويلزم دعمها والترويج لها.
د ـ نشر الإيجابية
إذا أردت أن تكون إيجابيًّا فادع من تتوسم فيه الخير إلى أن يكون إيجابيًّا، فنشر هذه الصفة في المجتمع المحيط بك يحافظ عليك أنت شخصيًّا، وعندها يكون قد تم التوسع عمودياً وأفقيًّا، وذلك بانتشار هذه الصفة بين أكبر عددٍ من الناس، وتعمقها كذلك فيك عن طريق ممارستها، فالأقوال النظرية لا تصنع الواقع ما لم تترجم إلى أفعال.
وتتم الدعوة للإيجابية عن طريق إعطاء دورات فيها، وفي أهميتها، وكيفية ممارستها، والعوامل المترتبة عليها، وكذلك عن طريق حلقات الدروس، أو المجلات..وعن طريق الدعوة إليها فردياً عبر المصاحبة والمعاشرة الاجتماعية.
هـ المراجعة والمحاسبة
مراجعة الأعمال بين الحين والآخر لمعرفة مستوى الأداء أمر مطلوب، فقد يحدث قصور- وكثيرًا ما يحدث- فنحاول أن نجد له العلاج المطلوب، أما إذا تركنا الأمور تسير هكذا خبط عشواء فعندها قد يحدث انحدار دون أن يشعر به المرء، والإنسان الغافل هو المرء الذي لا يراجع ما قام به من أعمال ليصحح الخطأ، أو يبحث عن وسائل جديدة لتحقيق أهدافه المرحلية والحقيقة أن المشاريع الناجحة والمؤسسات التي استطاعت الحفاظ على نفسها ومتابعة مسيرتها كانت تعتمد المراجعة والمحاسبة والتقييم المستمر بين حين وآخر.
وورد في الحديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله): (يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب فهو أهون لحسابك غداً وزن نفسك قبل أن توزن وتجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا تخفى على الله الخافية) ([34])
وقال الإمام الكاظم (عليه السلام): (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل خيراً استزاد الله منه وحمد الله عليه وان عمل شراً استغفر  الله منه وتاب إليه)([35]).

28
صورتان في جبهتين
لكي نقترب قليلاً باتجاه الجبهتين المتضادتين اللتين تحملان عناوين الإيجابية والسلبية يجدر بنا أن نسجل المصاديق الجيدة اللامعة في قائمة والسيئة المظلمة في الجهة المقابلة... ولنبدأ بروح إيجابية ومن منطلق إيجابي بتسجيل المفاهيم اللامعة والعادات أو الكلمات التي يرددها المتفائلون:

1- القائمة البيضاء
ـ انطلق.. تحرك...
ـ اطمئن بالنجاح...
ـ لا تتردد مطلقاً...
ـ تحمل المصاعب..
ـ الأمل كبير بالمستقبل..
ـ بادر إلى التنفيذ..
ـ تعلّم من الذين نجحوا قبلك..
ـ تعاون مع الآخرين.
ـ أحسنت. جيد جداً.
ـ بارك الله فيك.
ـ شكراً لله على كل حال.
ـ تقدمنا خطوة إلى الأمام.
ـ مسيرتنا نحو التقدم.
ـ ليست هناك مشكلات صعبة.
ـ كل مشكل قابل للحل.
ـ العاملون معنا جيدون.
ـ لا غنى عن الثقافة والعلم في الحياة.
ـ اعتقدوا بضرورة العلم.
ـ أطالع كتاباً نافعاً كل يوم.
ـ حياتنا آمنة وسعيدة.
ـ مستقبلنا مشرق.
ـ الأمور على ما يرام.
ـ كيف نتقدم أكثر؟
ـ الناس من حولنا طيبون متعاونون.
ـ نخطط دوماً لحل مشكلاتنا الاقتصادية.
ـ يلزم التواصل مع القراءة.
ـ أحب كل العاملين واحترمهم.
ـ أقدر وأشكر كل من يقدم لي نصيحة.
ـ أقبل النقد من المخلصين.
ـ لا أخوض أي نزاع.
ـ لا أتحسس من أي جهة.
ـ انظر إلى منجزات الآخرين.
ـ أتغافل عن عيوب زملائي وأتحملها.
ـ محاسبة النفس ضرورة حياتية.
ـ ابتسم للمجتمع وللحياة.
ـ الأريحية واللطف وطيب النفس.
ـ مشكلات الحياة طبيعية.
ـ الحمد لله على الصحة والأمان.
ـ يعجبني نشاطك وهمتك.
ـ أنت موفق والحمد لله.
ـ مؤسستكم رائعة.
ـ نعم للمشكلات ولا لليأس.
ـ لا تؤجلوا العمل إلى يوم غد.
ـ المطلوب منك معدل 100%
ـ الامتحانات قادمة، يجب الاستعداد.
ـ أنا مشغول ولا وقت لي لمشاهدة المسلسلات.
ـ مسؤوليتنا كبيرة.
ـ نبذل كل جهدنا لإنجاز المطلوب.
وبالضد من تلك المفاهيم مفاهيم القائمة السوداء والتي تفوح منها روائح الكسل واللامسؤولية والفشل... وهذه جملة من واجهاتها العقيمة والتي تعجز عنها الكلمات السلبية والعادات المرضية والسيئة والتبريرات التراجعية:
2: القائمة السوداء
ـ الوقت غير مناسب الآن.
ـ ما فائدة هذه الأعمال؟
ـ لا أستطيع الآن.
ـ سأباشر غداً.
ـ الناس كلهم جهلاء.
ـ لا خير في هذا الواقع.
ـ كل الطلاب يغشون.
ـ كل الناس سرّاق ومخادعون.
ـ نظل هكذا متخلفين إلى الأبد.
ـ الله تعالى هو الذي لا يريد الخير لنا.
ـ ما فائدة الكتب؟ ومن يقرأ؟
ـ كل هذه الأعمال للمصالح الشخصية لا للأهداف السامية.
ـ وضعي النفسي غير مساعد.
ـ صحتي ليست طبيعية الآن.
ـ لا أثق بهم.
ـ مؤسستكم متخلفة وغير ناشطة.
ـ اعتقد أنك تفشل في عملك.
ـ يمكن التنفيذ في الأسبوع أو الشهر القادم.
ـ هذا العام لا نستطيع فعل شيء وعلينا الاستعداد للعام القادم.
ـ كل الدوائر فاسدة.
ـ كل القضاة يرتشون.
ـ كل رجال الدين لا يؤدون واجبهم.
ـ أي عمل غير نافع مع هذا الواقع.
ـ لا ضرورة للتعجيل سنؤدي العمل مستقبلاً.
ـ أنا أبتعد عن كل المراكز الاجتماعية.
ـ لا أستطيع التقدم مطلقاً.
ـ الأبواب كلها موصدة بوجهي.
ـ نبقى مظلومين إلى النهاية.
ـ رأس مالك ضئيل ولا تستطيع تنفيذ أي مشروع اقتصادي.
ـ لاحظ لي في أي برنامج.
ـ برجي يؤكد فشلي في كل المشاريع.
ـ الزواج لا يعني غير الشقاء والمشاكل.
ـ الأقارب كالعقارب.
ـ نحن فاشلون في إدارة الأمور لنتركها لغيرنا.
ـ ما دمنا محتاجين إلى المال لا نتحرك أبداً.
ـ الجو بارد لنؤجل العمل الآن.
ـ الجو حار وحارق لا تستعجلوا.
ـ أعمالكم كلها فوضى وهدر للمال والوقت.
ـ لا أستطيع العمل مع أحد.. اعمل منفرداً.
ـ لا ضرورة للاهتمام بالمظهر والأناقة..
ـ أنا عصبي ولا أتحمل.
إنها واجهات ولا فتات للأعذار والخذلان والكسل وعدم تحمل المسؤولية وأخيراً الفشل والتخلف.. على عكس الواجهات الإيجابية التي تبعث على المعنوية والانطلاق والإنتاج مع عدم الكلل والملل واعتماد الاستفادة والتقدم اليومي المنتظم وتبعاً للقائمة السوداء هناك سلسلة من الطبائع والصفات والعادات السيئة ما يلي عنوان جزء منها:
29
العادات السيئة
ـ الثرثرة
ـ التخمة
ـ السكوت في مورد الكلام
ـ كثرة النوم
ـ كثرة الأكل
ـ كثرة الضحك والهزل
ـ رمي الكلام بلا روية وتأمل
ـ التأجيل
ـ الخجل
ـ التدخين
ـ الإدمان على المخدرات
ـ الصخب
ـ عدم إجابة الدعوات
ـ جلسات البطالين لتلف العمر والوقت.
ـ إدمان اللعب
ـ إدمان مشاهدة الألعاب
ـ السخرية
ـ ترك المخلفات بعد الطعام والمنام
ـ ترك الواجبات الدراسية إلى موعد الامتحانات
ـ إلقاء النفايات هنا وهناك
ـ تأخير الزواج
ـ تعقيد الزواج
ـ تأخير الصلاة والواجبات الدينية
ـ عدم احترام الآخرين
ـ ضرب الأطفال والنساء
ـ الإلحاح على طلب شيء
ـ حدة الكلام
ـ الغيبة
ـ إغفال الهندام
ـ إغفال الشعر حلقاً ومشطاً وتنظيماً
ـ إطلاق أبواق المركبات
ـ رفع أصوات التلفاز
ـ رفع أصوات مكبرات الصوت في الأفراح والأحزان
ـ إلقاء البصاق في الشارع أمام الآخرين أو في المنديل أمامهم.
ـ رفع الصوت في الحوار والمناقشات.
ـ خلف الوعد ولو لدقائق قليلة.
ـ نقض اتفاقات البيع بعد العقد
ـ التكلم حين قراءة القرآن
ـ التكلم حين حديث الخطباء
ـ أخذ حق الغير في الطريق
ـ أخذ حقه في صفوف ركوب الباص أو شراء بعض البضائع أو غيرها.
ـ العادات العشائرية مثل: النهوة
ـ إتلاف العمر في المقاهي والدواوين
ـ سوء الظن بأقوال وأفعال الآخرين
ـ الضغط على العمال
ـ الضغط على أعضاء العائلة
ـ مصادرة حقوق المرآة وعدم احترامها
ـ عدم رعاية قواعد الصحة والنظافة الجسدية
ـ تقطيب الوجه
ـ التشدد في مختلف الأمور
ـ تأخير الوفاء بالدين مع القدرة
ـ الاستخفاف بالآخرين
ـ الإعجاب بالنفس
ـ الاستبداد في اتخاذ القرارات
ـ الصمت المفرط في الاجتماعات
ـ تقليد الآخرين بلا وعي
30
الشخصية  السلبية
النظرة التشاؤمية هي الغالبة عليها في كافة تصرفاتها وقناعاتها.
باطنها مملوء بالانتقام والعدوان، وفي أكثر الأحيان لا تستطيع أن تنفذ ما تريد، وينعكس ذلك في كلماتها وآرائها.
هذه الشخصية ضعيفة الفعالية في كافة مجالات الحياة، ولا ترى للنجاح معنى، وليس عندها مشروع اسمه النجاح بل تحاول إفشال مشاريع النجاح عبر التثبيط والطعن والمقاطعة و...
لا تؤمن بـ (مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة)، بل ليس عندها همة الخطوة الأولى، ولهذا لا تتقدم ولا تحرك ساكناَ وإن فعلت مرة تتوقف مرات.
لا ترى أن هناك فراغاً يجب أن تملأه وأن لها دوراً عليها الاضطلاع به.
ليس للالتزام والانضباط معنى أو قيمة في قائمة أعمالها أي لا تتأثر بالمواعظ ولا تلبي أي نداء ولا تسمع التوجيهات النافعة.
تقوم أحياناً بدور المعوق والمشاغب وهي مطعمة بالحجج الواهية والأعذار الخادعة بشكل مقصود.
وهي دائمة الشكوى والاعتراض والعتاب والنقد الهدام ولو دخلت نقاشاً تقتحمه بغضب وتوتر وانحيازية لذاتها ومصالحها.
لا شك أن هذه الشخصية مريضة وضارة في ذاتها وإن لم تظهر فيها أعراض المرض لأن هذه الصفات تنعكس على أساليب حياتها في البيت والمؤسسة أو أي وسط اجتماعي أو ثقافي أو اقتصادي أو غيرها.
31
ملامح الشخصية السلبية
تبرز ملامح الشخصية السلبية جلياً في:
1ـ استصعاب أي عمل أو مشروع.
2ـ الحذر المفرط من نهاية وعواقب الأمر مما يؤدي إلى الجمود والقعود.
3ـ ترجيح عدم الإمكان من الوصول للهدف.
4ـ تضخيم العقبات والمشكلات إلى درجة تقعد بالإنسان عن الحركة.
5ـ رمي المسؤولية على الغير والانفلات منها.
6ـ اشتراط وجود كمية كبيرة من المال ومع عدمها يحجم عن الإقدام.
7ـ عدم المشورة مع الآخرين من أهل الخبرة.
8ـ عدم التشجيع لأي برنامج أو مشروع تقدمي.
9ـ الخداع الذاتي حيث انه يقنع نفسه بأنه قد أدى ما عليه مع أنه ليس كذلك.
10ـ اعتماد التثبيط عن العزائم فهو بدل أن يشجع على أي نشاط ويقوي العزائم يتخذ مواقف الضد ويثبط العزيمة.
11ـ ينظر إلى الجانب الفارغ من الكأس ويتجاهل النصف الممتلئ ويرى الجدار من جانب واحد ويحكم عليه دون أن يرى الجانب المعمور والمصبوغ بشكل جذاب.
إنها صفات الإنسان السلبي المتقاعس.
32
التثبيط والتنشيط
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى‏* عَبْداً إِذَا صَلَّى ‏* أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الهُدَى* ... كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُO([36])
التثبيط داء عضال يصاب به أناس لا وعي لهم ولا طموح في الحياة ولا رؤية مستقبلية واضحة بحيث يسعون لتحقيق هدف معين.
وهو من أهم أسباب تخلف الأمم حيث أنه يثني عزيمة الرجال ويكسر معنوياتهم ويترك إرادتهم الفولاذية هشة واهية..
والمثبِّط (بالكسر) مناع للخير.. ومصداق لقوله تعالى: Pمَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍO([37]) وعنصر سلبي مريض في المجتمع يقف سدّاً غير مرئي أمام أي مشروع ايجابي واية حركة تقدمية..
هو بدل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعمل العكس فيأمر بالمنكر وينهى عن المعروف!
المثبطون مشاريع هدامة وأعداء للعلم والتقدم ولكن بغير رسمية وبلا بروتوكولات ودون لافتة وإعلان.. شعارهم كلمة (لا) يخالفون قوله تعالى: Pوَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناًO ([38]) فيقولون للناس السوء، ويعارضون قوله تعالى: PوتَعَاوَنُواO ([39]) فالأصل عندهم عدم التعاون وتثبيط معنوية من يعزم عليه.
والتثبيط انعكاس عن نفس مظلمة ويائسة وفاقدة للرؤية السليمة للحياة مما يؤدي إلى اتخاذ مواقف غير سليمة تجاه الأشخاص والجهات الاجتماعية.
رأيت بعضهم ينظر إلى الوضع القائم في بلادنا بعين واحدة من خلال تدهور الأمن والخدمات والفساد الإداري و... فيعيش اليأس القاتم والظلام الدامس ويتغافل عن المال الوفير ومؤسسات المجتمع المدني والفضائيات المنفتحة والشعائر الدينية الحرة ووسائل الاتصال التي كان ابسطها فيما مضى مبرراً للإعدام وتأسيس الدستور الجديد (على ما فيه من ملاحظات) وقدرة الإنسان على التفوه بما يريد دون رعب وأجهزة قمعية والعكس صحيح... ([40])
 هناك من لا يرى أية سلبية ويرى كل شيء صالحاً فذاك إفراط وهذا تفريط فالتقييم يجب أن يكون متوازناً فينظر للسلبيات إلى جانب الإيجابيات لا من جهة واحدة. قال (صلى الله عليه وآله):
«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»  وقال أيضاً: «رب كلمة تخرج من فم رجل فتهوي به في قعر نار جهنم» ([41])
وفي الطرف الآخر يقف المنشطون الذين يلتهبون حماساً وايجابية ولا يعرفون معنى للكسل والتسويف والجمود.
التنشيط صفة حضارية وإنسانية سامية تدفع بحركة الأفراد والمجتمعات إلى الأمام.
فليس أمامه مشكلة مستعصية عن الحلول ولا يعترف بالجبن والتراجع والخجل والملل إنه يريد الإنتاج وشعاره Pوَأَن لَّيْسَ لِلاْنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ‏* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىO([42]) .
أصول الحياة تتمثل أمامه في: الهمة العالية والتقدم وتحدي المشكلات. وقوله حسن Pوَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناًO وفعله حسن ومواقفه حسنة...
ودوماً يقول (نعم)
نعم للمشكلات.. نعم للصبر..
نعم للانطلاق..نعم للتقدم..نعم لكل شيء حسن.
والحكم الشرعي للتنشيط لو صار مصداقاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهداية الضالين يكون واجباً أما التنشيط باتجاه المستحبات فهو مستحب أيضاً.
كما أن التنشيط للحرام حرام شرعاً كمن شجع لشرب الخمر مثلاً ([43]) .
33
مع أخطاء الآخرين
لما كان الوقوع في الخطأ من الصفات اللازمة للإنسان ولما قد يترتب على الخطأ حين وقوعه من تنافر القلوب وحدوث القطيعة بين الناس وهذا كله مما يضاد مقصداً من مقاصد الشريعة وهو التآلف بين البشر عموماً، وبين أبناء ملة الإسلام خصوصاً فقد ورد في الشريعة عددٌ من القواعد التي تضبط النفس البشرية وترتقي بها إلى مستوى اتخاذ مواقف إيجابية عند وقوع اختلاف مع الآخرين بسبب وقوعهم في خطأ غير مقبول عند الطرف الآخر والموقف الإيجابي يحتم ما يلي:
1ـ التثبيت والتحقيق
فإن طبيعة النفس البشرية ترغب في الاستعلاء وإظهار النصر عند وقوع الخطأ من طرف آخر لما جبلت عليه النفوس من حب الاستعلاء، ولما تبحث عنه النفس من تحقيق للذات فإننا نجد النبي وأهل بيته عليهم السلام يعلمون أُمتهم الارتقاء بتفكيرهم ومواقفهم الإيجابية من أخطأ الآخرين وأول خطوات النظر في أخطاء الآخرين هي التثبت والتأكد فعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخل رجل يوم الجمعة والنبي J يخطب فقال أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين([44])
فبادر النبي J الرجل بالاستفسار قبل الإنكار، وتثبت منه قبل أن يأمره بتأدية الركعتين.

2ـ المصلحة العامة
فقد تأخذ الإنسان الغيرة على دينه لما قد يراه من أخطاء الآخرين، ويجعله ذلك يعمى عن رؤية جانب آخر أكثر أهمية مما يحدث فيتعجل في الإنكار في أمر صغير مما قد يسبب في وقوع منكر أكبر، ويرشد الدين الحنيف إلى التفكير الإيجابي المتزن وذلك بالتروي عند إنكار المنكر ومن لا يعرف المنكر أو غير متأكد منه يسقط عنه واجب إنكار المنكر.
الموازنة بين الحسنات والسيئات:
" فعندما تكون على معرفة بمزايا الشخص ـ الذي تنتقده ـ فإن هذا يعطيك الفرصة للنظر إلى الشخص بصورة أكثر إيجابية، وهذا بدوره يساعدك على التحكم في الغضب والإحباط، وعندما تذكر الإيجابيات بوضوح فإن هذا يبعث للشخص الآخر برسالة مفادها أنك تستشعر مجهوداته وتقدرها، وبهذا تحافظ على احترام الشخص الآخر دون مساس به، فضلاً عن أنه قد يؤدي إلى تعزيز هذا الاحترام
ونجد هذا المستوى من النقد الذي ينبع من تفكير إيجابي أصيل واقعاً عملياً في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) فعندما قام حاطب بن أبي بلتعة بإخبار قريش بأمر تحرك جيش المسلمين تعامل معه النبي بأرقى أسلوب قال حاطب مبيناً لسبب ما قام به من عمل:" فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتداداً عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام"  . فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما إنه قد صدقكم ([45]) فعفا عنه ولم يتخذ بحقه إجراءاً معيناً.
إشراك المخطئ في عملية التصحيح
فبالاستقراء نجد نصوص أحاديث الرسول والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) زاخرة بما يوجه ببناء الرقابة الذاتية لدى أتباع الدين الإسلامي لأن هذه الرقابة هي الأقوى من الرقابة الخارجية في تحفيز الإنسان للعمل الصالح، وأكثر صلابة في حجزه ومنعه من الوقوع في الآثام، فباستطاعة الإنسان أن يتخلص من الرقابة الخارجية فيفعل ما يحلو له، ونجد النبي (صلى الله عليه وآله) يعزز الرقابة الداخلية من خلال إشراك الشخص الذي وقع منه الخطأ أو كاد أن يقع فيه حتى أصبح هذا الأسلوب أجدى نفعاً، وأقوى تأثيراً، قال أبو أمامة: إن فتى شاباً أتى النبي فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه !، فقال: أدنه فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك ؟، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك ؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك ؟، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك يلتفت الفتى إلى شيء" ، فانظر إلى الخاتمة التي وصل إليها النبي (صلى الله عليه وآله) مع هذا الشاب حتى أصبح بعد ذلك لا يلتفت إلى شيء مما كان يريد فعله، كل هذا جاء من خلال مشاركته في الحوار.
" إن دفعك للشخص الذي تنتقده لمشاركتك في عملية النقد أمر مهم لأسباب عديدة منها:
* أن دفع هذا الشخص للتفاعل الإيجابي يعزز كثيراً من فرص إيجاد حل مثمر.
* يمكنك أن تستشعر من خلال هذا مدى اتفاق هذا الشخص معك فيما تقول.
* هذا الأسلوب يقلل إلى أقصى قدر ممكن من احتمال تبني هذا الشخص لموقف دفاعي".

34
احترام الناس
عندما يستخدم الإنسان التفكير الإيجابي في أقواله وأفعاله وعلاقته مع الناس فإن ذلك يوجد عنده موازين إيجابية معتدلة تجعله يحترم الجميع، ويعرف منازلهم فيعطي كل واحدٍ منهم ما له من حقوق الاحترام والتبجيل مهما كان صغيراً أو كبيراً في السن شريفاً أو وضيعاً في النسب، ويتجلى المنهج النبوي الكريم في احترام الناس من خلال عدة أمور:
قبول الناس كما خلقهم الله:
فيؤسس الإسلام أساساً متيناً لضبط العلاقات بين الناس بإرساء مفهوم إيجابي ببيان أصل الناس وأنه لا تفاضل بينهم في أصل خلقتهم وإنما يكون التفاضل بينهم فيما يتفاضلون فيه باختيارهم ومن كسب أنفسهم بسلوكهم لمنهج التقوى التي هي أساس التفكير الإيجابي والسلوك المثالي في علاقة الإنسان مع خالقه، ومع من خلق الله فقال:" يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى.
ويعزز النبي J هذا الميزان بذمه لما يضاد هذا الميزان من موازين خاطئة جاءت من أعراف وتقاليد قسمت البشر إلى طبقات باعتبارات تنم عن جهل بأصل خلقة البشرية الواحد واعتبر انتقاص الآخرين وعيبهم بما ليس بعيب إلى كون هذا الفعل من الجاهلية ذلك لأن صاحب هذا النمط من التفكير قد نظر نظرة سلبية من منظور تفكير سلبي إلى هذا المخلوق الذي كرمه الله قال بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): كان بيني وبين رجل كلام وكانت أمه أعجمية فنلت منها فذكرني إلى النبي فقال: لي أساببت فلاناً، قلت: نعم، قال: أفنلت من أمه ؟ قلت: نعم، قال: إنك امرؤ فيك جاهلية.
والإنسان ذلك الكائن الذي كرمه ربه، ,اسجد له ملائكته، وفضله على غيره من المخلوقات لهو جدير بكل احترام لإنسانيته .
ويضرب النبي (صلى الله عليه وآله) أروع الأمثلة في احترام إنسانية الإنسان فحتى صغار السن كان ينالهم من احترام النبي الشيء الكثير ففي الحديث: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرّ على غلمان فسلم عليهم" وذلك لكي يعلم أُمته وصبيانها على التواضع وعلى آداب
الشريعة.
وحتى لو كان الإنسان مخالفاً لنا في الدين فضلاً عن الموقف والمذهب والفكر، فإن ذلك لا يسمح لنا بأن نحتقر إنسانيته ونهين كرامته الآدمية، فنجد رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله) يحفظ حق أحد المخالفين له من الاحترام الإنساني حتى بعد موته:
فعن سهل بن حنيف وقيس بن سعد قالا:" إن النبي (صلى الله عليه وآله) مرت به جنازة فقام فقيل له إنها جنازة يهودي فقال: Sأليست نفساًR؟ ([46]).
وقال (صلى الله عليه وآله): Sمن آذى ذمياً فقد آذانيR([47]) .
وحتى في حال الحرب كان (صلى الله عليه وآله) يأمر بالمحافظة على إنسانية من مات من العدو في ساحة المعركة فنهى عن التمثيل بجثث القتلى ([48]) .
35
إرادة التغيير
قال تعالى: Pإِنَّ اللَّهَ لاَ  يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى‏ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْO([49]).
إن مجموعة التشريعات الحيوية التي انزلها الله تعالى على رسوله (صلى الله عليه وآله) تختزن في داخلها قوة هائلة لتغيير الأمم والشعوب.. إلا أن ذلك مشروط بإرادة الأمة للتغيير فإن أبت فلا تنفعها الطاقة الضخمة المخزونة في تلك التشريعات الفذة.
36
الفكر
من الناحية اللغوية حيث نقول: فكّر في الأمر أي: أعمل عقله فيه، ورتب بعض ما يعلم ليصل به إلى المجهول، وفكّر مبالغة في فَكَرَ، والتفكير: إعمال العقل في مشكلة للتوصل إلى حلها" ([50])، وهذا قصرٌ للتفكير على نوعٍ من أنواعه، وهو حل المشكلات.
وفي الاصطلاح يقول إدوارد ديبونو ([51]) أحد أشهر الخبراء في علم التفكير:" لا يوجد هناك تعريف واحد مرضٍ للتفكير، لأن معظم التعريفات مُرضية عند أحد مستويات التفكير، أو عند مستوى آخر، وتعريف التفكير الذي اعتمده في كتابه: هو التقصي المدروس للخبرة من أجل غرض ما"، ويعرف التفكير بوصفه مهارة بأنه:" المهارة الفعالة التي تدفع بالذكاء الفطري إلى العمل"
روايات الفكر:
والجدير بالذكر هنا: أن هنالك عشرات الآيات القرآنية الكريمة تؤكد على الفكر وأعمال العقل كقوله تعالى: Pوَسَخَّرَ لَكُم مَا فِي السَّماوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَO([52]).
ومجموعة كبيرة من الروايات الشريفة في هذا الصدد منها قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «أصل العقل الفكر وثمرته السلامة»([53]). و: «إذا قدمت الفكر في جميع أفعالك حسنت عواقبك»([54]) .
و: «بالفكر تنجلي غياهب الأمور» ([55]).
و: «التفكر حياة قلب البصيرR ([56]).
37
الاستماع لهم وحل مشكلاتهم
إن المشاركة الوجدانية والفعلية لمن يعاني أمراً مما يخفف عن صاحبه ويحس بأن هناك من يقف معه في محنته فيدعو ذلك إلى اطمئنان قلبه،وراحة فكره من تحمل المآسي والآلام لوحده فيقتله اليأس بمعاناته لوحده وقد قال بعض المحدثين: " كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت".
فكان (صلى الله عليه وآله) يذهب معها ويحل مشكلتها وتأخذ بيده كناية عن انه (صلى الله عليه وآله) يرافقها لا فعلاً أنها كانت تمسك بيده فلو كان لأمة حاجة إلى بعض مواضع المدينة وتلتمس منه مساعدتها في تلك الحاجة واحتاجت بأن يمشي معها لقضائها لما تخلف عن ذلك حتى يقضي حاجتها.
" فحين تستمع إلى شخص آخر فإنك تعطيه متنفساً نفسياً، وحين تشبع لديه تلك الحاجة الحيوية تستطيع أن تركز على التأثير عليه أو حل المشكلة، والحاجة إلى متنفس نفسي لها وقعها على الاتصال في جميع مجالات الحياة " هذا ما اجمع عليه علماء الأخلاق والاجتماع.
38
التآلف الاجتماعي
ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يندب أتباعه لمشاركة الآخرين أفراحهم الخاصة حين توجه لهم الدعوة، ويعتبر التخلف عن الحضور أمراً مرفوضاً وقال (صلى الله عليه وآله): إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب.
وقال (صلى الله عليه وآله): Sومن ترك الدعوة فقد عصى الله تعالى ورسولهR.  وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم وان عشتم حنّوا إليكم " ([57])
وأما مشاركتهم فيما قد يصيب الواحد من المجتمع فإنه في تلك الحالة أشد ما يكون حاجة إلى من يقف بجواره يواسيه وبهذه الفعال الإنسانية يتآلف المجتمع وتقوى أواصر المودة، وتشيع الألفة بدل القطيعة.
" فالألفة هي الأداة الوحيدة لتحقيق النتائج مع الأشخاص الآخرين، والقدرة على توطيد الألفة تعتبر إحدى أهم المهارات التي يمكن أن يتمتع بها الإنسان".
وهذا تعويد للمؤمن الرسالي أن يعطي من وقته وجهده اليومي للتواصل بإيجابية مع الآخرين ويزداد عطاؤه اتساعاً حين يعطي شيئاً من عواطف الرحمة، والشفقة، والبر بالآخرين .
" فكلما زاد عطاؤك كلما شعرت براحة أكبر، وكلما أصبح العطاء أسهل، فلا توجد هناك ميزة بشرية أهم من مشاركة الغير، ولا يوجد هناك مصدر سعادة حقيقية أفضل من عمل الخير"
فعندما يتعرض الإنسان للضغط النفسي من مواقف سلبية تصدر من الآخرين يظهر عند ذلك الإنسان على حقيقته، فإن كانت مواقفه إيجابية من الآخرين صادقة ونابعة من فكر إيجابي ومؤسسة على بنيان فكري سليم فإن الإنسان يحافظ على تلك الإيجابية مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة، وإن كانت مبنية على جرف هارٍ ومؤسسة على مواقف مصطنعة فسرعان ما يظهر المرء على حقيقته، ويبان للعيان تفكيره الذي أحدث ردة فعله السلبية، وقد ضرب لنا الرسول أروع الأمثلة بإظهار المواقف الإيجابية في كل المواقف السلبية التي تعرض لها ومن ذلك ما جاء عن بعضهم قال: "كنت أمشي مع رسول الله J وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرت إلى صفحة عنق رسول الله وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله فضحك، ثم أمر له بعطاء" ([58]).
انظر إلى قول الراوي: فضحك، ردة فعل إيجابية على تصرف سلبي من جاهل، ولم يمنعه ذلك الاعتداء والفظاظة من الأعرابي من إكمال الرد الإيجابي فأمر له بعطاء.

39
تجربة نجاح رائدة
إن مما لا شك فيه أن الصفات الإيجابية تدفع بصاحبها إلى الأمام وتضمن له النجاح الساحق في مختلف ميادين الحياة والقصة التالية نموذج رائع لما أكدناه:
كان هناك طفل يتيم بحلم لأنه في يوم من الأيام سيكون شخصية هامة، وإنه سيكون مديراً عاماً لأحد الفنادق الكبيرة وكان يردد ذلك باستمرار أمام الجميع ولم يتجاوب أحد معه في أحلامه وكانوا يقولون له: (هذا كلام فارغ بعيد عن الواقع) فكان يشعر بخيبة الأمل وان المحيطين به يحبطون من عزيمته بينما سخر منه زملاؤه في المدرسة عندما سمعوه يردد ذلك وقيل له دائماً: (كن واقعياً).. فبدأ يفقد الأمل وتوقف عن ذكر حلمه.
كبر الطفل وأصبح شاباً وقرر بينه وبين نفسه أن يدرس في مجال الفنادق وفعلاً أتم دراسته وتخرج ثم تزوج وهاجر إلى كندا مليئاً بالأمل وواجهته صعوبات كثيرة وقيل له: إنه لن يصل إلى ما يرده...، وكان يردد هو في نفسه عندما يفكر في هذا الحلم: (أنا لا أملك الخبرة ولا أملك المال ولا أجيد التحدث بلغة البلد ولا يوجد عندي أي اتصالات وشهادتي غير معترف بها في كندا وبدأ صوته الداخلي يقول له: (اترك هذا الموضوع من ذهنك وابدأ عملاً آخراً).. وكان أيضاً كثيراً ما يتساءل عن السبب الذي يجعل أحد أصحاب الأعمال يعينه رغم كل هذه الظروف وشمع صوته الداخلي يكرر: (أنا لم أصل إلى ما أحلم به، ليس في إمكاني تحقيق هدفي).. وأصابه الارتباك والألم ولم يعد يدري كيف يتصرف فإذا عاد إلى بلده سيسخر منه الجميع وإذا ظل في كندا فإن فرصته للنجاح ضئيلة جداً.. وفي وسط الخضم الهائل من كل هذه السلبيات التي كانت تحيط به بالإضافة إلى العوامل التي كانت تكفي لهدم أي حلم مهما كان... انطلقت من داخله قوة جبارة مليئة بالرغبة في النجاح وتحدي كل الظروف الصعبة التي كانت تحيط به وبالرغم من أن حلمه كان يتلخص في أن يصبح مديراً عاماً لأحد الفنادق الكبيرة فقد بدأ سلم النجاح كغاسل صحون.
وكان مبعث هذه القوة أنه رأى في منامه والده المتوفى وهو يقول له: تذكر Pإِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْO.. وكانت هذه الصحوة الكبرى له وأصبح عقله الباطن يردد: (أنا استطيع أن أعمل ذلك فإذا استطاع أي شخص القيام بذلك فأنا أيضاً أستطيع...، إذا كان توماس أديسون  قد فشل أكثر من 9999 مرة ومع ذلك مضى نحو ما كان يؤمن بعمق أن في إمكانه تحقيقه وإذا كان "ولت دزني"([59]) قد أفلس سبع مرات وهنري فورد ([60]) قد أفلس ست مرات ولكنهما استمرا إلى أن حققا أحلامهما فأنا أيضاً أستطيع أن أحقق حلمي وان أنجح) .
وأصبح متحمساً جداً وقد خلقت الطريقة الجديدة لحديثه في نفسه مجموعة اعتقادات جديدة وبدلاً من أن يقول: أنا مفلس، تذكّر أن ساندرز ([61]) وفورد وهوندا ([62]) كانوا مفلسين أيضاً وان كثيرا من العظماء كانوا مفلسين قبل أن يصبحوا ناجحين، واعتقاده أن شهادته غير معترف بها أصبح (أنا سأدرس من جديد أكثر وأكثر في كندا)... وفعلاً أكمل دراسته وحصل على دبلوم في إدارة الفنادق ..واعتقاده (أنا هنا أجنبي وغريب) أصبح لا أصلي ولا لوني ولا جنسي سيمنعوني من أن أحقق أهدافي طالما أنا مؤمن بنفسي وإمكانياتي وأضعها موضع التنفيذ).. وتحولت نظرته اتجاه الأشياء من العبوس إلى الابتسام ومن التشاؤم إلى التفاؤل، وتحولت أحاسيسه السلبية إلى أحاسيس إيجابية وتقدمت صحته وبعد أن كان مصاباً بالقرحة تماثل للشفاء وأصبحت صحته جيدة وطاقته كبيرة وفعالة.
استمر بالعمل والدراسة بجد واجتهاد وفي عام 1980 فقد وظيفته ووجد نفسه فجأة بلا عمل ولا يملك أي مورد وكان ذلك في نفس الوقت الذي كانت زوجته في مستشفى الولادة لوضع ابنتيه التوأمين بعملية قيصرية كانت زوجته بعدها في حالة شديدة الإعياء وظلت في المستشفى لمدة أسبوعين بينما اهتم هو برعاية التوأمين بمفرده وكانت نقوده البسيطة بالكاد تكفي لشراء الغذاء لهما...، ثم وجد عملاً بسيطاً كمساعد جرسون في مطعم صغير وواظب على العمل به بجدية حتى تمكن من توفير قوت لعائلته وبعد أن خرجت م المستشفى كانت تحتاج لفترة نقاهة طويلة وبلطف الله تلقى المساعدة من الجهات الحكومية التي أرسلت إحدى المتخصصات في الرعاية المنزلية حتى تعاونهم في مباشرة شئون التوأمين والأم.
واستمر في العمل في المطعم من التاسعة صباحاً إلى الثالثة بعد الظهر لكي يوفر النقود المطلوبة للمعيشة وقام بتسجيل نفسه في جامعة كاونكورديا، للحصول على دبلوم في الإدارة وكان يعمل ليلاً مديراً لمطعم آخر.. وظل على هذا الحال لمدة عام تدرج خلاله من وظيفة إلى وظيفة أعلى وبعد عدة سنوات من الانتقال من مكان إلى مكان أصبح مديراً عاماً لأحد الفنادق وكان ذلك عام 1986، وأسس فريق عمل كبير قام بتدريبه والاهتمام به حتى أصبح الفندق على درجة عالية جداً من النجاح وكان يصبو إلى تحسين نفسه دائماً فأخذ مسئولية وظيفة أفضل في فندق أكبر وألتحق بدورات دراسية كثيرة بالمراسلة وحصل على جائزة دولية من أمريكا كأحسن طالب في الدراسات المنزلية.
وبدأ يشعر أنه يعيش أحلامه وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان فقد قرر أصحاب الفندق إغلاقه وضاعت الوظيفة منه فوراً حتى أنهم قاموا على الفور بسحب السيارة التي كان يستخدمها وعاد إلى منزله في سيارة أجرة وعاد من جديد إلى وضع لا يحسد عليه... حيث فقد وظيفته والمورد وحتى الأشخاص الذين كان يظن أنهم أصدقاء تخلوا عنه... وباختصار فقد كل شيء وبدأ يشعر بالضيق حتى من نفسه.
وفي خضم هذه الدوامة من الأرق والألم والمحاولات التي ذهبت سدى لتحسين أوضاعه تذكر مرة أخرى حديث والده حيث كان يردد دائماً: (إذا أغلق أحد الأبواب يا بني فإن الله يفتح دائماً باباً آخراً)... وعندئذ سأل نفسه: (ما الذي يمكن عمله في هذا الوضع؟... وكيف يستطيع تحويل هذه الحالة من سلبية إلى حالة ايجابية) .. وبدأ يبحث في مصادره الشخصية ويقيمها وعاد إلى مجموعة الأفكار التي كان يدونها باستمرار كلما خطرت على باله.. فوجد أنها مجموعة ممتازة وكافية لأن تكون موضوع كتاب يساعد كثيراً من الناس فبدأ فوراً في تأليف أول كتاب له ولكن رفض الكثير من الناشرين هذا الكتاب فقرر أن يقوم هو بنفسه بنشره بما أمكن من مدخراته البسيطة وفعلاً طبع الكتاب على نفقته وباع من هذا الكتاب خمسة آلاف نسخة في أقل من ثلاثة شهور وبدأ في وتأليف كتب أكثر، وأصبح بعدها انجح في حياته من أي وقت آخر وعنده بعض الكتب التي تعتبر من أوسع الكتب انتشاراً في العالم ولديه مجموعة أكبر من الأصدقاء الذين يمكنه حقاً اعتبارهم أصدقاء، وتوسعت دائرة معارفه على مستوى العالم وأصبحت أساليبه تستخدم في أرقى الشركات في العالم.
ربما تتساءل كيف عرفت أنا كل هذه المعلومات وهذه التفاصيل عنه؟... إن الإجابة بسيطة لأنني أنا هذا الشخص وأنا الآن أعيش حلمي وتشاركني فيه زوجتي وبنتاي التوأمان وأقوم بتدريس هذه الأسس لكل إنسان يريد أن يحسّن نفسه ويحقق أحلامه عبر تقديمي له خلاصة خبراتي ودراستي المستفيضة وعصارة رحلتي من القاع إلى أوج النجاح وسدة الإنجازات.
والآن دعني أسألك هل سمعت أن أحد الأشخاص يقول: (إن الناجحين هم كذلك بسبب الحظ؟).. هذا القول صحيح إلى حد ما فالأشخاص الناجحون فعلاً عندهم حظ كبير ولكنهم هم الذين صنعوا هذا الحظ لأنفسهم.. فهم يعملون بجد واجتهاد ومستوى أدائهم مرتفع ويصبحون الأحسن في مجال عملهم ويتميزون بالصبر والمثابرة والانضباط بالإضافة إلى أنهم يقحمون أنفسهم في مخاطرات ومغامرات أكثر من الأشخاص العاديين ويتعلمون من أخطائهم ومجموع كل هذا يفسر أنهم ذوو حظ كبير وإذا قررت وأيقنت أنك أهل للنجاح فرافقني في هذا الكتاب لتتعرف على المفاتيح العشرة([63]) للنجاح والتي عايشتها وتعرفت عليها عبر رحلة طويلة من الكفاح والمثابرة والتعليم والتحسين المستمرين.
كانت الساعة قد بلغت السابعة صباحاً وكان كريم ما يزال نائماً فنادته والدته قائلة (استيقظ يا كريم يجب أن تذهب إلى المدرسة) ففتح كريم عينيه وقال: (أنا لا أريد الذهاب إلى المدرسة فهناك على الأقل عشرون تلميذاً لا يحبونني وعشرة مدرسين يكرهونني) ثم عاد للنوم مرة أخرى وذهبت والدته إلى المطبخ لإعداد الإفطار وبعد نصف ساعة لاحظت أن كريم لم يكن قد نهض من فراشه بعد، فذهبت ونزعت الغطاء عنه وقالت له: (استيقظ يا بني ستتأخر على المدرسة ويجب أن تذهب في الوقت المحدد).
ورد كريم قائلاً: (لقد قلت لك يا أمي أنا لا أريد الذهاب إلى المدرسة فهل يمكنك إعطائي سبباًَ واحداً يجعلني أذهب إلى هناك اليوم؟).. فقالت له أمه سأعطيك سببين أولهما أن عمرك 45سنة، وثانيهما أنك أنت ناظر المدرسة)!!.
حين كنت أقوم بإجراء أبحاث لإعداد كتابي الأول قرأت مقالة في مجلة (ريدرز دايجيست)([64]) تفيد بأن هناك شخصاً من بين كل أثنين لا يحب العمل الذي يقوم به!! هل تتخيل ذلك؟.. إن واحداً من كل اثنين يتمنى أن يفعل شيئاً آخر غير الذي يقوم به أو أن يعمل في مجال آخر.
لأكثر من خمسة وعشرين سنة كنت قد درست تاريخ كثير من الشخصيات الناجحة في عملها لأجد الإجابة على سؤالين هامين:
1ـ لماذا يكون بعض الناس الأكثر نجاحاً من البعض الآخر؟
2ـ لماذا أن بعض الناس لديهم المعرفة والموهبة التي يحتاجون إليها ليبلغوا غاية النجاح ولكنهم يعيشون في مستوى أقل بكثير من المستوى المتوقع أن يكونوا عليه؟
وبدأت بدراسة إدارة الإعمال والمبيعات والتسويق ثم درست الأديان وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم وظائف الأعضاء والمتافيزيقيا والتنويم المغناطيسي... وحضرت أكثر من مائتي حلقة دراسية وقرأت أكثر من ألفي كتاب عن تطوير الذات وحصلت على ثلاثة وعشرين دبلوماً وثلاث من أعلى الدرجات في مجال الإدارة والبيع والتسويق والسلوك الإنساني.. فقد كنت متحمساً لمعرفة السبب في كون بعض الناس ذوي نجاح عظيم وسعادة ورخاء وهذا ما توصلت إليه.
40
البنى التحتية للنهوض
الطفل الذي اجتاز مرحلة الحبو والجلوس ينتقل إلى مرحلة القيام ثم المشي على القدمين..
إنَّ هذه المرحلة كالمراحل السابقة عليها إنما تعتمد على بنية تحتية تعتبر الأساس للوقوف على القدمين ثم الحركة والانطلاق والبنية الأساسية للطفل تتمثل في تقادم عمره ليطل على عامه الثاني وصحة عضلاته واشتداد عظمه وسلامة خلايا مخه التي توجه أعضاءه للنهوض.
وهكذا النهوض للأفراد والأمم.. أنه يعتمد البنية التحتية والأفكار والنفوس والأرواح والأجسام...
ولعل أهم ما يؤسس البنية التحتية للنهوض الفردي والجماعي يتمثل في اعتماد الإيجابية على مختلف الأصعدة وعلى سبيل المثال لا الحصر:
1ـ الثقافة الإيجابية
وهي أهم الأسس لنهوض وحركة الفرد والأمة.. إذ هي التي تؤمن للإنسان قناعاته التي يشع منها الحماسة وتهيجه للتخطيط والانطلاق للبناء وتحمل المتاعب والجدية لعلاج المشكلات وتشعل فيه جذوة الثورة على واقعة الفاسد.
فالثقافة إما منشط حيوي يبعث على الصحة السلوكية أو أنها مثبط سلبي يورث الخمول ويخدر الفكر ويترك صاحبه طعمة للتخلف والاستغراق في الأوهام والخيالات الطوباوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
فما عسانا ننتظر ممن يجيد معرفة خصائص شعراء الجاهلية ويهتم بغريب الألفاظ أو يعشق علم أنساب الرجال والنساء ويرجح الآراء حول ما اختلف فيه من نسب السيدة زليخا وعوج بن عنق وصفات عصى موسى (عليه السلام) وخاتم سليمان والحوارات القصصية المجردة التي تتلف الوقت وتحرق العمر؟؟
ويناقش كثيراً إلى حد التخمة حول حضور السيدة ليلى (عليها السلام) في كربلاء مع الحسين (عليه السلام) أو عدم حضورها([65])، وحول زواج القاسم (عليه السلام) ([66])، وعدد من قُتل بيد العباس (عليه السلام) ([67]) وقس على ذلك ما سواه.
فمن يعتبر هذه البحوث محاور هامة وأساسية للنقاش والنقض والإبرام أي ثمر يجنيه لدنياه أو آخرته وأي نفع يقدمه للمجتمع؟؟
ولعل ما يبحثه صحيح من الناحية التاريخية إلا إن الملاحظ أنها ليست من أولويات الأمور للجميع وأساسيات الحياة ولا من مهماتها الشرعية لكل الأمة، ويترتب شيء كبير على ثبوتها أو نفيها.
من جهة أخرى فإن الثقافة الإيجابية والقناعات الحيوية تصنع شخصية الإنسان وترفعه إلى القمة إذ أنها هي الباعث على السعي والإنتاج وتحدي الصعاب وهي التي أججت روح النهضة في المصلحين الكبار، فالإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه الأبرار إنما أقدموا على ما أقدموا عليه لأن قناعاتهم هي التي أملت عليهم المسؤولية ودفعتهم للمعارضة والنهضة الإصلاحية الكبيرة فالثقافة الإيحائية المنيرة وعقيدتهم الصلبة والمسؤولية الشرعية هي المنطلق لكل تلك التضحيات التي خلدتهم في التاريخ.
وفي الهند التي خضعت لقيادات من خارج حدودها ظهر قائد وطني كبير يدعى (دراما كريشنا) وهو شاب زاهد ومجاهد أسس جمعية تحررية في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين والتف حوله حوالي (500000) نصف مليون هندي قال لهم: «نحن شعب تعداده ثلاثمائة وثلاثون مليون نسمة لماذا نرزح منذ ألف عام تحت نير الأجانب؟
الجواب: لأن هؤلاء الأجانب اعتمدوا على أنفسهم ونحن اعتمدنا على غيرنا، يلزم أن يعرف الجميع أن هناك روح ربانية علوية تساعد وتدعم كل من يريد التحرر والخلاص ويلزم علينا الاعتماد عليها والاستمداد منها لنستعيد عزيمتنا وكرامتنا الوطنية وتلك الأرواح هي التي تغذي معنوياتنا للتحرر من الأجانب» وبعدها لمع نجم المهاتما غاندي وقاد حركة شعبية واسعة وحرر البلاد عام 1948م ([68]) .
فالثقافة الإيجابية هي التي حركت أمة الهند التي اقتنعت بضرورة الاعتماد على ذاتها والتحرر الأجنبي وهكذا كل أمة وفرد وعلى مختلف أصعدة السياسة والاجتماع والاقتصاد وغيرها.
الثقافة الإيجابية هي بنية تحتية للنهوض وهي التي تبعث على الجهاد والتضحية والتعاون مع الآخرين وتوحيد الصف واحتمال المتاعب والصمود أمام التحديات والتقدم المتواصل يوماً بعد يوم.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «العلم أصل كل خير» ([69]) مما يعني أن المجهول الذي هو انعدام الثقافة والارتطام بالظلام هو أصل كل شر...
وما نقاسيه اليوم في حياتنا الطبيعية من فساد إداري وإرهاب وتمزقات إنما هي ثمار نكده للجهل والثقافة السلبية السوداء التي تدفع بأصحابها إلى الكذب والاستئثار والظلم ومصادرة حق الآخر والاستبداد والفقر والمرض والتخلف العميق والمترامي الأطراف..
2ـ القيم الإيجابية
أن القيم والصفات الإيجابية والحيوية تضمن للفرد والأمة الارتقاء إلى القمة (فعلوّ الهمة) الذي هو من الإيمان (كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام)) يحول الإنسان من الموت إلى الحياة ومن الخمول والارتخاء إلى شعلة من الكفاح للتقدم في الحياة.
وكذا (الأمل) الذي هو أهم شرط لكل عمل مثمر فالفلاح لا يزرع لولا الأمل والطبيب لا يداوي لولا الأمل بشفاء المريض والجندي لا يقاتل لولا الأمل بالنصر والأستاذ لا يدرس لولا الأمل بنجاح تلاميذه وقس على ذلك كل المجالات الحيوية دون استثناء.
هذا الأمل شرط وبنية تحتية للتقدم والانطلاق وهو من أسس القيم الإيجابية ومن يفقده لا يحرك أي ساكن ولا يرفع قدمه للتخطي شبراً إلى الأمام.
وقصة (حميد بن قحطبة) التاريخية الشهيرة التي مثلت يأساً ظلامياً ثقيلاً هي أشهر من نار على علم حيث أنه أقدم على جريمة نكراء بذبح ستين علوياً فاطمياً من أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) (عشرون شاباً عشرينياً وعشرون كهلاً وعشرون شيخاً ستينياً مما أدى إلى اليأس المطلق من رحمة الله تعالى وغفران ذنبه فترك الصلاة والصيام وكل التزام ديني حين اعترض عليه من رآه جالساً على مائدة الطعام في نهار شهر رمضان المبارك فأفصح عن يأسه من الرحمة الإلهية وحين نقلت القضية للإمام الصادق (عليه السلام) فقال ما معناه: يأسه من رحمة الله أكبر من جريمة المجزرة التي أقامها بحق العلويين الأبرار الأبرياء من أبناء الرسول (صلى الله عليه وآله) ([70]) .
فالأمل (دينمو) الانطلاق واليأس مخدر قاتل وسبب للاستغراق في ظلام الجهل ولكل أنواع التخلف.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الأمل رحمة من الله لأمتي ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها ولا غرس غارس شجراً» ([71])
فالقيم الحيوية والتي تتمثل في الشجاعة والنشاط والتفاؤل والتعاون والمشورة والارتقاء وأمثالها هي التي ترفع الأفراد والأمم إلى علياء المجد والسعادة في الدارين.
3ـ الهدفية
فالذي يجاهد ولا يعرف ماذا يريد وما هو هدفه يعجز عن تحقيق أية نتيجة.
والصحيح أن يضع كل إنسان نصب عينيه هدفاً كبيراً وينطلق في الحياة للوصول إلى ذلك الهدف، فالذين قطعوا أشواطاً كبيرة في ميادين مختلفة وحققوا انجازات علمية أو اقتصادية أو سياسية أو غيرها لم يختلفوا في بنيتهم الجسدية والروحية والعقلية عن أي واحد منا. بل قد كان بعضهم من الطبقة الثالثة في المجتمع ويعيش تحت خط الفقر وعاش ظروفاً قاسية ومع ذلك استطاع تحقيق إنجازات كبرى.
(فتوماس أديسون) ([72]) الذي أضاء العالم باختراع المصباح الكهربائي لم يكن إلا طالباً فاشلاً في المدرسة وقيل أنه طرد من المدرسة (والمهاتما غاندي) الذي قاد أكبر نهضة واسعة تحررية في أعجب وأغرب شبه قارة في العالم (الهند) كان شاباً جباناً وزاهداً لا يملك شيئاً من حطام الدنيا وتمكن من تحقيق أعظم انجاز: تحرير الهند من يد الاستعمار البريطاني العجوز.
و(الحاجب المنصور)([73]) كان حمالاً لا يملك إلا حماراً يحمل عليه بضائع الناس وينقلها من مكان إلى آخر لقاء أجر بسيط ثم مع هدفيته الراكزة استطاع أن يصبح (ملك الأندلس)! إسبانيا الحالية.
زبدة المخاض: إن الهدفية من أسس النهضة في حياة الفرد والأمة .. مما يعني أن اللازم أن يرتفع الطلاب في الحوزة إلى القمة في العلم والأدب والخطابة التي توصل نور الإسلام إلى أبصار وقلوب الملايين في هذا العالم الذي بدأ ينفتح على مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).
كما يلزم أن يرتفع الطالب الجامعي ويتميز في تحصيله العلمي ويصل إلى القمة...
والسياسي يلزم أن يبلغ القمة ويكون نموذجاً في النزاهة الأخلاقية والوطنية والدينية ورجل الاقتصاد يلزم أن يصبح مليونير كبيراً ليستطيع المشاركة الجديد في خدمة أمته ومبادئه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نعم العون على تقوى الله المال»([74]).
فالتميز على كل صعيد يرفع المستوى العام للأمة مما يجعلها على طريق النهوض.
يقول المجدد الثاني سلطان المؤلفين الإمام السيد محمد الشيرازي (قدس سره الشريف) ([75]):
«يجب على الموالي لأهل البيت (عليهم السلام) أن يسعى ليكون القمة في كل حقل اختص فيه، فإذا كان رجل دين يجب عليه أن يسعى ليكون في القمة لكي يستطيع أن يقدم خدمة بمستوى القمة وإذا كان خطيباً يجب عليه أن يسعى ليكون في القمة وان كان طالباً جامعياً يجب أن يسعى ليتميز ويكون قمة في تحصيله العلمي وذلك ليشار إلى أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في كل العالم بأنهم هم المتميزون في مختلف العلوم الطبية والرياضية والسياسية والاقتصادية وغيرها... فيلزم أن يكونوا هم القمم في العالم لا اليهود والنصارى ومن أشبههم من تلك الملل والنحل»([76]).
41
الرؤية الرسالية
ذات مرة انطلق نبي الله عيسى (على نبينا وآله وعليه السلام) مع جمع من النخبة الذين يصحبونه في رحلاته الدعوية الهادفة..
مرّ الموكب النبوي بصورة غير مقصودة على نخلة شماء جميلة مثقلة بأعذاق التمر وناشرة لعشرات السعف في الجو رمقها القوم فلم يرق أحدهم واقع النخلة فرمى جملة نقد قائلاً: ما أطولها وأصعب مرتقاها.
وأردف الثاني: ما أحد شوكها.
والثالث: تفوه بمثل ذلك.
فعلّق النبي عيسى (عليه السلام) بجملة بيضاء متمتماً: ما أحلى تمرها...
وفي قضية مماثلة مع تغير الموضوع.. مرَّ (عليه السلام) مع حوارييه على كلب ميت.. فقال أحدهم: ما أقبح شكله، وأردف الثاني: ما أنتن ريحه، والثالث قال: ما يشبه ذلك .. فطرح النبي عيسى (عليه السلام) جملة إيجابية بيضاء حيث قال: ما أبيض أسنانه..
إنَّ مثل هذا الموقف الواضح والإيجابي لنبي عظيم من أولي العزم إنما يؤسس لمنهج..
فنهج الإنسانية والتعقل والوعي والتركيز على أية نقطة مشرقة في الحياة حتى في الكلب الميت.. هو الأصل وهذا يعني: أن السلبية لو عمت أي شيء في الحياة بصورة كاملة يلزم البحث عن نقطة مشرقة لغرض تسليط الضوء الإيجابي عليها. لذلك قال نبي الله عيسى (عليه السلام): ما أبيض أسنانه.
في الأشخاص والأمتعة والمواقف والمؤسسات وكل شيء.. الإيجابية هي الأصل وهي المنطق للتقييم.. هي التي تنشر البهجة والارتياح في النفس وهي التي تبث المعنوية في النفوس وتضفي على الإنسان رونقاً وهيبة وتلهب بين جوانحه روح الحركة والتقدم.. لذلك جاء في مضمون النص الشريف مكرراً: «احمل عمل أخيك المؤمن على سبعين محملاً حسناً فإن لم تجد محملاً فقل لا أعلم...» ([77]) .
فالأصل التقييم الإيجابي وكل شيء يقاس بحسناته ولا ينظر إلى السيئات والسلبيات.
42
المرآة
كيف يكون التقييم إيجابياً؟
قد يحدث خلط وتشويش بين الموقف السلبي والنقد الإيجابي الذي يسلط الضوء على نقطة سوداء أو خصلة سيئة أو عيب ونقص.. فكيف يمكن التمييز بين هذا وذاك؟؟
الواقع لو عرفنا المعيار وميّزنا القاعدة حصلنا على الجواب.
والقاعدة هي أن يكون النقد والتقييم كتقييم المرآة.
والحديث النبوي الذي سارت به الركبان يقول: «المؤمن مرآة المؤمن» ([78])
ما أجمل هذا التشبيه النبوي الرصين..
فالمرآة تتحلى بأسمى صفات النقد الإيجابي البنّاء..
1ـ فهي لا تكبّر الصغير ولا تصغر الكبير فلو كانت شعرة طفيلية أو طائشة على جبهة الإنسان أو أنفه لا تظهرها المرآة وكأنها عصى أو جذعة.. بل تظهر الحقيقة كما هي.
2ـ وهي حين النقد لا تحمل حقداً أو عصبية أو توتراً بدافع عنصري أو حزبي أو جهوي معين...
بل تقول الحقيقة بشفافية تامة وما أكثر ما نشاهد التقييمات والانتقادات التي تنبعث من أفواه الأخوة تجاه الأشخاص والأشياء إنما تنبعث بدوافع جهوية وانتماءات متناقضة مع الجهة التي استهدفت في النقد أو التقييم وهذا ما تتسامى عنه المرآة.
3ـ والمرآة توجه إلى العيب وتشير إلى النقطة السوداء دون التباس أو تشهير وتسقيط فيسلم المنتقد (بالفتح) الملاحظة دون أن يراق ماء وجهه ويفتضح في المجتمع وقد ورد في الحديث الشريف: «من وعظ أخاه سراً فقد زانه ومن وعظه علانية فقد شانه» ([79])
والنقد الإيجابي المستور زين واحترام..
بينما المكشوف على رؤوس الأشهاد: تشهير وانتقاص وان لم يُقصد منه ذلك.
4ـ المرآة تسجل الملاحظة دون تجريح أو تقريع.. أو لسع بينما النقد السلبي يأتي في أحيان كثيرة لاسعاً وجارحاً للشعور وقارعاً... بينما المرآة تقول كلمتها في منتهى اللين والشفافية الودية الناصحة.
5ـ وهي تسجل النقد من منطلق المحبة لو صح التعبير لا من منطلق العداء والبغضاء كما يلاحظ ذلك في انتقادات الجهات المتخاصمة التي لا تبحث حين تقييم أو تنتقد عن إصلاح للواقع دائماً تنتقد للتشهير المنبعث من البغضاء الملتهبة بين جوانبها ضد الطرف الآخر.
6ـ النقد المرآتي يكون لغرض الإصلاح وفي الوقت المناسب بينما النقد السلبي يكون أحياناً كثيرة بعد فوات الأوان كمن ينتقد صفقة بعد عقدها أو يوجه شهادة إلى مشتري المنزل قائلاً: انك خسرت وأخفقت حيث انك اشتريته بضعف ثمنه وفي موقع بعيد ومساحة ضيقة....
7ـ والمرآة لا تبادر بالنقد ما لم ينظر إليها فلا تتطفل والقرار بيد طالب النقد بينما الناقد السلبي يبادر إلى ذلك دون أن يطلب منه في كثير من الأحيان.
8ـ وأهم شرط للمرآة أن يكون الطرف الآخر حاضراً شاهداً يقظاً واعياً ومفتح العينين... أما الناقد السلبي يسرد انتقاده في غياب من المنتقد (بالفتح) أحياناًُ.
9ـ وتطرح المرآة ملاحظتها بمنتهى الوضوح دون لف أو دوران أو تمويه أو غموض أو شائبة كذب أو ما شابه ذلك مما يحدث أحياناً في نقد الآخرين.
10ـ والمرآة تنظر ثم تنتقد أما الآخرون فكثيراً ما يسمعون الموضوع وينتقدون والبون شاسع بين الرؤية والسماع.. حيث أن الأخير يأتي بمعرفة ناقصة بينما المشاهدة تؤدي إلى الحقيقة كل الحقيقة.
والآن تبين كيف أن النقد يكون ايجابياً وكيف ومتى يكون سلبياً وهداماً ومؤذياً.
وتبين أيضاً مدى دقة وعمق التشبيه في حكمة الرسول (صلى الله عليه وآله) المشرقة الرائدة: «المؤمن مرآة المؤمن».
43
المطلوب.. النظّارة الطبيعية
من يضع النظارة الطبيعية على عينيه يرى كل شيء طبيعياً.. أما من يضع نظارة سوداء أو زرقاء فيرى كل شيء أسود أو أزرق.
ثمة أناس تراهم قد لبسوا النظارة السوداء ولا يرى غير السواد والظلام, وكل شيء أمام عينيه يراه غير ممكن وكل شيء صعب لا يطاق..
وكل شيء لا ينفع..
وكل شيء لا ضرورة له..
وكل شيء يتطلب كماً كبير من المال والإمكانيات..
وكل شيء مجهول المصير ولا ضمان لفائدته..
وكل شيء فيه مشاكل مستعصية..
فلا داعي للحركة والنشاط.. ولا داعي للتطوير طالما أنه بحاجة إلى وقت وجهد ومال وكفاءات و...
والنتيجة النهائية: لا تعمل شيئاً ولا تخطط للتقدم إلى الأمام.. ولا تتحمل مسؤولية واترك الأمور كلها على ما هي عليه فلا تحتاج إلى أي تغيير على الصعيد الفردي ولا الاجتماعي ولا نورط أنفسنا بأي حراك خصوصاً وان العواقب مجهولة ونشك بإحراز أي نجاح..
هذا واقع الظلاميين السلبيين الذين لبسوا النظارة السوداء وان كنا لا نراها على أعينهم، إنهم حين يقفون أمام أي فكرة أو مشروع أو شخص أو قضية أو جمعية أو... يناديهم صارخ من أعماق أنفسهم المظلمة بنداء البؤس والتخلف والتقاعس ويؤكد الإشكاليات ويضخم العقبات ويصور لهم كل شيء باللون الأسود.
وبعد ذلك: لا يتخذون إلا موقف التراجع والسلبية والانتقاد ولا يقولون إلا الكلمة الهدامة...
وهؤلاء عناصر رجعية متخلفة يعرقلون حركة أي إنسان في المجتمع وهم دوماً يصارعون الأزمات ويقعون ضحايا لظلاميتهم  وسلبيتهم المقيتة.
فالعاطل منهم عن العمل لا يستشير أهل الخبرة ولا يسافر للتجارة ولا يتحرك في المجتمع للبحث ولا يستقرض مقداراً من النقود ليعمل بها كرأس مال وكل ما يقترح إليه يرفض المقترحات كلها في نظره واهية ومحكومة بالفشل سلفاً متذرعاً بحجج واهية وأعاذير مرفوضة ويبقى جليس الدار يفتك به الفقر والبؤس والتشاؤم!. ومثل هذا الإنسان الموت أول له من الحياة.. حيث إن الحياة تطالبه بالهدفية والحركية والانطلاق وهو ضد كل هذه المفردات التقدمية وأمثالها.. وإنا لله وإنا إليه راجعون!.
  • وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
  • فهرس المصادر
  • * القرآن الكريم .
  • * نهج البلاغة: خطب الإمام أمير المؤمنين A.
  • * الصحيفة السجادية الكاملة، للإمام زين العابدين علي بن الحسين
  • (عليه السلام).
  • * الأصول من الكافي: ثقة الإسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (ت 328 هـ) .
  • * تذكرة الفقهاء:  أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الأسدي الحلي (648 ــ 726 هـ)
  • * بحار الأنوار: العلامة الشيخ العلامة محمد باقر بن المولى محمد تقي ألمجلسي الأصفهاني (ت 1110 هـ)
  • * تفسير الميزان: السيد محمد حسين الطباطبائي، المتوفى سنة 1402 هـ .
  • * مستدرك الوسائل: للشيخ المحدث الحاج الميرزا حسين النوري، المتوفى عام 1320 هـ.
  • * شرح نهج البلاغة: عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي (ت 656 هـ).
  • * موسوعة أحاديث أهل البيت %: الشيخ هادي النجفي
  • * عيون الحكم والمواعظ: على بن محمد الليثي الواسطي ,المتوفى سنة 457هـ
  • * فهارس رياض السالكين: الشيخ محمد رضا المظفر (1323 – 1383 هـ).
  • * وسائل الشيعة (ط آل البيت): الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (ت 1104 هـ) .
  • * أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين العاملي (1371 هـ).
  • * تفسير الجلالين: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ).
  • * النص والاجتهاد: السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي (1377 هـ) .
  • * جامع أحاديث الشيعة: السيد حسين بن السيد علي الطباطبائي البروجردي (1292 ـ 1380 هـ).
  • * منية المريد: الشهيد الثاني زين الدين بن نور الدين الجبعي العاملي (المستشهد سنة 965 هـ)
  • * لسان العرب: أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري (ت 711 هـ) .
  • * غرر الحكم ودرر الكلم: عبد الواحد بن محمد الآمدي التميمي (550هـ).
  • * المختار من قصار الحكم والمواعظ: الشريف الرضي  أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي (ت 406 هـ) .
  • * الذريعة إلى تصانيف الشيعة: الشيخ محمد محسن المعروف بالشيخ آغا بزرك الطهراني (1389 هـ) .
  • * البيان في عقائد أهل الإيمان: شيخ الشريعة الأصفهاني الميرزا فتح الله بن محمد جواد النمازي (1338 هـ) .

  • * المعجم الوسيط: إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار تحقيق / مجمع اللغة العربية .

  • الفهرس
  • الإهداء
  • المقدمة
  • ما هي الشخصية؟
  • وما هي الإيجابية:
  • الشخصية الإيجابية
  • مواصفات المجتمع الإيجابي
  • ضرورة التفكير الإيجابي وكيفية تحقيقه
  • الرؤية الإيجابية
  • التفاؤل
  • الإيحاء الذاتي
  • الكلمة الإيجابية
  • التطوير المستمر
  • أهمية الإلتزام
  • الجدار الأبيض
  • قلع أسنان الكلام
  • التوريث الإيجابي
  • العدو الداخلي
  • الإيجابية الاجتماعية
  • محبة الآخرين
  • مد يد العون
  • الدين: النصيحة
  • باتجاه التغيير
  • وباتجاه الايجابية والتفاؤل
  • خطوات ايجابية لإحراز مهارة التفكير الإيجابي
  • التواصل الإيجابي مع المجتمع
  • الرسائل الإيجابية
  • التبسم في وجوه الآخرين
  • التفهم الإيجابي لمشاعر الآخرين
  • صناعة الإيجابية في المجتمع المسلم
  • مراعاة الإمكانات
  • تناسب الزمن
  • علو الهمة
  • الوسائل
  • آ ـ سيرة الناجحين
  • ب ـ معاشرة الناجحين ومصاحبتهم
  • ج ـ البرامج الإيجابية
  • د ـ نشر الإيجابية
  • هـ المراجعة والمحاسبة
  • صورتان في جبهتين
  • 1- القائمة البيضاء
  • 2: القائمة السوداء
  • العادات السيئة
  • الشخصية  السلبية
  • ملامح الشخصية السلبية
  • التثبيط والتنشيط
  • مع أخطاء الآخرين
  • 1ـ التثبيت والتحقيق
  • 2ـ المصلحة العامة
  • الموازنة بين الحسنات والسيئات
  • إشراك المخطئ في عملية التصحيح
  • احترام الناس
  • قبول الناس كما خلقهم الله
  • ارادة التغيير
  • الفكر
  • روايات الفكر
  • الاستماع لهم وحل مشكلاتهم
  • التآلف الإجتماعي
  • تجربة نجاح رائدة
  • البنى التحتية للنهوض
  • 1ـ الثقافة الإيجابية
  • 2ـ القيم الإيجابية
  • 3ـ الهدفية
  • الرؤية الرسالية
  • المرآة
  • المطلوب.. النظّارة الطبيعية
  • فهرس المصادر
  • الفهرس
  • كتب مطبوعة للمؤلف
  • ·         شورى الفقهاء المراجع، دراسة تحليلية حول القيادة المرجعية الجماعية.
  • ·         شورى الفقهاء مفتاح الإصلاح العام
  • ·         عباد الله كتاب الله
  • ·         الحواريون طلائع حركة أهل البيت %
  • ·         محنة الأكثرية في العراق
  • ·         حديث مع الشباب






([1]) سورة النجم: 39-40.
([2]) الكافي: ج8 ص93 ح66. وسائل الشيعة: ج16 ص187 ب19 ح21309.
([3]) سورة الأعراف: 96.
([4]) المل ـ بفتح الميم ـ: الرماد الحار أي تجعل وجوههم كلون الرماد . راجع لسان العرب لابن منظور: ج9، ص153 فصل السين المهملة .
([5]) الصحيفة السجادية الكاملة: دعاء مكارم الاخلاق، ص103 .
([6]) سورة الرعد: 11 .
([7]) الكافي: الكليني، ج2، باب المؤمن وعلاماته وصفاته، ص234 .
([8]) بحار الانوار: العلامة المجلسي، ج 72 الباب الثاني والأربعون، الرفق واللين، ص51 .
([9]) الكافي: الكليني، ج 2، باب حق الدار، ص 667.
([10]) تذكرة الفقهاء (ط.ج): العلامة الحلي، ج7، استحباب قلة الكلام إلا بخير، ص394.
([11]) بحار الانوار: العلامة المجلسي، ج 18، معجزاته J في إخباره بالمغيبات ...، ص122 .
([12]) تفسير الميزان: للطباطبائي، ج 7، كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى، ص151 .
([13]) المصدر نفسه: ج 19، كلام في سعادة الايام ونحوستها، ص77 .
([14]) مستدرك الوسائل: الميرزا النوري، ج 13، باب استحباب الزرع، ص 460 .
([15]) بحار الانوار: العلامة المجلسي، ج 72، في شرف المؤمن وعزه، ص 55 .
([16]) شرح اللمعة: الشهيد الثاني، ج 3، كتاب الوقف، شرح ص 163 .
([17]) كنز العمال: المتقي الهندي، ج 1، في الايمان بالقدر، ص 115 .
([18]) لسان العرب: ابن منظور، ج 10، فصل الهاء، ص 504 .
([19]) جامع أحاديث الشيعة: السيد البروجردي، ج 4، ص 438 .
([20]) منية المريد: الشهيد الثاني، حبه لهم ما يحب لنفسه ...، ص 190 .
([21]) النص والاجتهاد: السيد شرف الدين، هامش ص 553 .
([22]) سورة النساء:19
([23]) سورة المائدة: 119.
([24]) الأثوار جمع ثور، وهي قطعة من الأقط، وهو لبن جامد مستحجر. لسان العرب لابن منظور.
([25]) سورة التوبة:46
([26]) الى ذلك تشير الآية الكريمة: Pأَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَO سورة المؤمنون: 115 . فيما حددت الاية الكريمة Pوَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِO (الذاريات 56) هذا المراد من قبل الله عزوجل .
([27]) راحع بحار الأنوار: ج97، ص85 ؛ مستدرك الوسائل: ج12، ص192 ؛وسائل الشيعة (آل البيت): ج16، ص135 .
([28]) من قصيدة نظمها المتنبي واصفا حمى اصابته ويعرض بالرحيل عن مصر في ذي الحجة سنة 348 هـ . راجع: اعيان الشيعة: ج2، ص528 .
([29]) راجع: الذريعة: آقا بزرك الطهراني: ج10، ص57 , ج12، ص283 . والبيان في عقائد أهل الإيمان: الشيخ الشريعتي الاصفهاني، ص222 .
([30]) مختارات من قصار الحكم والمواعظ: الشريف الرضي، ج2، ص2 .
([31]) سورة الأنعام:90
([32]) من شعر منسوب لشهاب الدين السهروردي .
([33]) وسائل الشيعة (آل البيت): الحر العاملي، ج26، كتاب الفرائض والمواريث، أبواب موانع الإرث، ص14 .
([34]) وسائل الشيعة (ط آل البيت)، ج16، باب وجوب محاسبة النفس كل يوم، ص98 .
([35]) بحار الانوار: العلامة المجلسي، ج 67، الطريق الى معرفة الله، ص 72 .
([36]) سورة العلق:9ـ19.
([37]) سورة القلم:12.
([38]) سورة البقرة: 83 .
([39] سورة المائدة: 2 .
([40]) إشارة إلى الفترة التي أعقبت حكم حزب البعث بسقوط حكومة صدام إثر الغزو الإمريكي للعراق سنة 2003 م .
([41]) قال رسول اللهJ: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يظن أن تبلغ ما بلغت يهوي بها سبعين خريفا في النار) . المستدرك: الحاكم النيسابوري، ج4، ص597 .
([42]) سورة النجم: 39 .
([43]) وردت في الشريعة المقدسة الكثير من الاحكام التي تقف بوجه هذا المنكر وتحد من التشجيع عليه مثل عدم تزويج شارب الخمر وعدم جواز دفع الزكاة له وماشابه ذلك . راجع: وسائل الشيعة (أل البيت): ج6، ص184 .
([44]) السنن الكبرى: البيهقي، ج3، باب من دخل المسجد لا يجلس حتى يركع ركعتين ...، ص 194 .
([45]) البداية والنهاية: ابن كثير، ج 4، ص 325 .
([46]) بحار الانوار: العلامة المجلسي، ج78، في القيام عند مرور الجنائز ...، ص 273 .
([47]) فهارس رياض السالكين: الشيخ محمد رضا المظفر، ج1، ص175 .
([48]) عن أمير المؤمنين A قال: فاني سمعت رسول الله J يقول: Sاياكم والمثلة ولو بالكلب العقورR نهج البلاغة: ج3، ص78 من وصية له بعدما ضربه ابن ملجم .
([49]) سورة الرعد:11.
([50]) المعجم الوسيط:  مجمع اللغة العربية، ج 2، ص 310 .
([51]) إدوارد دي بونو (1933) طبيب وعالم نفس مالطي. يكتب دي بونو بشكل احترافي خصوصا في مواضيع التفكير الإبداعي، المصطلح الذي ابتدعه هو نفسه. دي بونو حاليا مستشار يعمل في العديد من الشركات العالمية مثل كوكا كولا وإريكسون. ألف أكثر من 75 كتابا مترجمة لأكثر من 37 لغة.
([52]) سورة الجاثية:13.
([53]) موسوعة أحاديث اهل البيت %: الشيخ هادي النجفي، ج 8، الفكر، ص519.
([54]) عيون الحكم والمواعظ: علي بن محمد الليثي الواسطي، الفصل الحادي عشر بلفظ اذا بمعنى الشرط، ص 136 .
([55]) غرر الحكم: ص57 الفصل الخامس في الفكر ح 560.
([56]) الكافي: الكليني، ج 1، كتاب العقل والجهل، ص 28 .
([57]) نهج البلاغة: ج4، باب المختار من حكم امير المؤمنين A، الحكمة 10، ص4.
([58]) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج16 مكارم أخلاقه وسيره وسننه J ص230.
([59]) والتر إلياس "والت" ديزني (1901 - 1966) اخترع عددًا من الشخصيات المتحركة الأكثر شهرة في العالم ونذكر من بين هذه الشخصيات ميكي ماوس ودونالد داك. حصل على أكبر عدد من جوائز الأوسكار فقد فاز بـ 22 جائزة أوسكار وترشح لـ 37 جائزة أوسكار، بالإضافة إلى حصوله على 3 جوائز أوسكار تكريمية فخرية.
([60]) هنري فورد (1863-  1947) عمل في الزراعة بعد أن قرر ترك المدرسة في الخامسة عشر من عمره وكان جُل همه هو كيف تعمل الآلات والمكينات!.يعتبر فورد هو مؤسس شركة فورد لصناعة السيارات مقولته الشهيرة: أي مشتر بإمكانه إقنناء السيارة باللون الذي يريده طالما كان اللون اسودا .
([61]) هارلاند ساندرز ولد عام 1890، أمريكي الجنسية كانت اسرته تعاني من الفقر وتدني مستوى المعيشة . توفي عن عمر ناهز 90 عام قضاها في صراع وكفاح لا يعرفان الملل واليأس، وما زالت مطاعم كنتاكي تواصل انتشارها بقوة حتى وصلت إلى 11 الف فرع حول العالم.
([62]) سيكيرو هوندا (1906 – 1991) ولد في عائلة فقيرة جداً في مقاطعة هماماتسو وكان من فرط فقر عائلته أن خمسة من إخوانه توفوا نتيجة سوء التغذية ولانعدام الموارد المادية والاقتصادية..

([63]) كتاب (المفاتيح العشرة للنجاح) د. ابراهيم الفقي.
([64]) مجلة (ريدرز دايجست) الأمريكية التي لها 17 طبعة، كل طبعة بلغة مختلفة وبنسخ تعد بالملايين .
([65]) ذكر الإمام الشيرازي الراحل 6 في كتابه (من حياة الإمام الحسين A) أن ليلى أم علي الأكبر 3 كانت موجودة في كربلاء يوم عاشوراء.
([66]) ذكر الإمام الشيرازي 6 في كتابه (من حياة الإمام الحسين A) عرس القاسم A فراجع.
([67]) ربما قُتل الكثير منهم حين فرارهم، وذلك تحت الأرجل وما أشبه.
([68]) كاد المهاتما غاندي ــ الزعيمُ الهنديُّ بعد بوذا ــ ينهارُ لولا أنه استمدَّ الإلهام من القوةِ التي تمنحُها الصلاةُ، وغاندي نفسهُ قال: لو لمْ أصلِّ لأصبحتُ مجنوناً منذُ زمنٍ طويلٍ . هذا وغاندي ليس مسلماً .
([69]) قال A: العلم أصل كل خير . غرر الحكم ودرر الكلم: ج1ص1، للآمدي .
([70]) بحار الانوار: العلامة المجلسي، ج 48، قصة حميد بن قحطبة والرشيد وافطاره في شهر رمضان، ص 176 .
([71]) بحار الانوار: العلامة المجلسي، ج 74، في قوله J رفع عن امتي تسع ...، ص173 .
([72]) أجرى توماس إديسون  260 محاولة قبل أن ينجح في صناعة المصابيح وفشل ◄   ► في جميعها، وله كلمة جميلة جدا، يقول: أنا أعرف 260 طريقة لا تستطيعون أن تصنعوا من خلالها المصباح !!.
([73]) الحاجب المنصور محمد بن عبد الله بن أبي عامر المعافري، وامتدت فترة حكمه للاندلس خمسة وعشرين عاماً (367 - 392هـ).
([74]) شرح نهج البلاغة: ابن ابي الحديد، ج 19، نبذة من الأقوال الحكيمة في الفقر والغنى، ص 227 .
([75]) المجدد الثاني آية الله العظمى السيد محمد بن السيد الميرزا مهدي الحسيني ◄   ►الشيرازي، ولد في النجف الاشرف سنة 1347 هـ، وهاجر مع والده الى مدينة كربلاء المقدسة سنة 1356 هـ، ومنها هاجر الى الكويت سنة 1390 هـ، ومنها الى ايران سنة 1399 هـ حيث استقر به المقام في مدينة قم المقدسة حتى رحيله سنة 1422 هـ اذ دفن في حرم السيدة فاطمة بنت الامام موسى بن جعفر A . حضر ابحاث كبار فقهاء عصره منهم والده والسيد محمد هادي الميلاني والشيخ محمد رضا الاصفهاني . له ما يقرب من 1600 مؤلف مابين رسالة وكتاب وموسوعة.
([76]) وردت أحاديث وروايات تؤيد هذا الاتجاه بأن يكون الشيعي نموذجاً في البيئة التي يعيش فيها من ذلك على سبيل المثال قول أبي الحسن الأول A (ليس من ◄   ►شيعتنا من لا تتحدث المخدرات بورعه، وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها اثنا عشر ألف رجل وفيهم من خلق الله من هو أورع منه) الكافي: ج2، باب العفة ص79 .
([77]) قال أمير المؤمنين A: (ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءً وأنت تجد لها في الخير محملاً)  مستدرك الوسائل: ج 9، ص 144 .
([78]) مستدرك الوسائل: الميرزا النوري، ج 9، باب وجوب اداء حق المؤمن وجملة من حقوقه الواجبة والمندوبة، ص 49 .
([79]) بحار الانوار: العلامة المجلسي، ج 71، المودة، ص 166 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق